رباب أحمد كل عام «تستغل» – وقد يكون بالإيجاب – شركات الإنتاج الفني في كافة الدول العربية والإسلامية اجتماع العائلة خلف الشاشة «الكلاسيكية» خلال شهر رمضان، فتضخ هذه الشركات الشاشة بما لذّ وساء من الأعمال الدرامية. هذا العام كثير من متابعي المسلسلات يترقب التفاتة إلى ما جرى ويجري في الساحة العربية من اشتعال، ولكن يبدو أن «الجمهور عايز كده»، تدير عددا كبيرا من مسلسلات رمضان. الشعوب العربية خنقت من السياسة، ولا تريد أن تتحول مسلسلات رمضان التي يعتبرونها متنفسا لهم، إلى مكان آخر لاستعراض «الهم والغم السياسي»، لكنهم بطبيعة الحال لن يعترضوا – في أسوأ الحالات – على توظيف الأحداث الحاصلة في حبك سيناريو لمسلسل ما، بالصورة التي توضح تأثير الأحداث على الحياة الاجتماعية، وليس الحديث بلغة الساسة «والعياذ بالله». أحد هذه التأثيرات، الانشقاق البين في النسيج الاجتماعي لبعض المجتمعات العربية المشتعلة. لا نريد للمسلسلات أن تحدثنا عن أسباب «الاشتعال العربي»، والمسؤول عنه، لكننا نريد لهذه المسلسلات أن تساهم ولو بصورة بسيطة في ردم الشرخ الحاصل بين أبناء الشعب الواحد. كما أن تناول تأثير ما يحدث في الساحة العربية على شخصيات المسلسلات، شكل من أشكال مواكبة شركات الإنتاج لمستجدات الحياة، والتي يبدي المدير ظهره لها متحدثا عن «جزر الواق واق»، أو متحدثا عن مرحلة زمنية سابقة لم تشهد هذه المستجدات المؤثرة. يعلم الجميع أن شركات الإنتاج الفني تهدف لتحقيق الأرباح من خلال ما تنتج، ولها كل الحق في ذلك، لذا فإن عليها أن تسعى للانتشار، ولن يكون لها ذلك، إلا حين يشعر المشاهد بملامسة المسلسل لحياته وواقعه، وقربه منه، لا أن يكون غريبا عنه، أو أن يكثف جرعة ما يفتقده في حياته اليومية، كما هو حاصل مع الدراما التركية المتخمة بقصص الحب والغراميات، الأمر الذي يقل وجوده في بلدان الجفاف العاطفي. وعطفاً على ملامسة حياة المشاهد، يمكن معرفة هذا من خلال تعلّق الخليجيين وليس البحرينيين وحدهم بمسلسل «سعدون»، المحاكي للواقع بطريقة درامية ندر مثيلها. لست أقلل من الجهد المبذول في الأعمال الدرامية، بل أن بعضها يحمل الكثير من المعاني الجميلة، لكننا نريد «شوية» تطوير، لتبدو بصورة مؤثرة، معقولة وقريبة. الدراما قريبة من الناس، لذا يمكن دوماً استغلاها لخدمة المجتمع، وذلك يحتم على منتجيها انتقاء ما يروجون له.