ليوسف زيدان أسلوب روائي ساحر، ونمنمة في الصياغة تشبه الشعر، كثير من عباراته تنساق موزونة على بحر، وما لا يكون كذلك لا تعدم فيه رائحة الملح من الاغتسال في البحور، ولكلماته مهارة مثل مهارة الأسماك على التفلّت، وفطرة الحذر، قبل سنوات قليلة اقتحم عالم الرواية، هل تأخر؟ لا أدري، الأكيد أنه وصل محصّنا، كان قبل ذلك وبعده وفي ثناياه عالم مخطوطات، وباحث تراث، ومفكراً مشغولاً بالأديان، له في ذلك كتاب أظنه الأهم في مجاله اسمه «اللاهوت العربي»، أصدر روايتيه الأولى والثانية في عام واحد «2008»: «ظل الأفعى» و«عزازيل»، وقد نالت عزازيل من الشهرة، وأثارت من الجدل، ما كان سبباً في نجومية الرواية والروائي، الذي وضح كم هو ذو مناخ مختلف وحس مغاير، «ظل الأفعى» كانت قصة طويلة أكثر منها رواية، أو هي قصة قصيرة ورسائل، لكنها جميلة جداً أيضا، أخفت «عزازيل» شيئا من بريقها المستحق، روايته الثالثة «النبطي» ابتعدت في زمنها عن عزازيل، المبتعدة في زمنها عن ظل الأفعى (ظل الأفعى تتحرك في زمنين متباعدين يتلاقحان في رأس امرأة!)، وفي «النبطي» استثمر زيدان طاقات شعرية يمكن وصفها بالهائلة بالنسبة لروائي أصيل، ينجح دائما في تطويع نفَسه الشعري لروايته، وهي مغامرة قل من يجيد حسابها، كم أسقطت من مواهب أرادت الشعر لكنها خافت منه فظنت أن في الرواية حصان طروادتها!، في رواياته الثلاث تتبّع يوسف زيدان الأديان كقصّاص أثر، وكتب كقاص إرث، حسبت أن «النبطي» ستثير ردود فعل دينية إسلامية، مثلما أثارت «عزازيل» من ردود فعل دينية مسيحية، لم يحدث ذلك، لكنني مازلت أحسب الحسبة، خاصة مع التطورات السياسية في بلد يوسف زيدان نفسه: مصر، وقبل أشهر أصدر زيدان روايته الرابعة «محال» وهذه محال أن لا تمر دون ردود فعل خارجة عن الشغل الروائي نفسه، فالشيخ أسامة بن لادن فيها حيّ يُرزق! كلمة أخيرة: النساء سوف يعجبن بيوسف زيدان على نحو خاص، إن لم يكن لروعته كروائي، فلنصرته إيّاهن في كل أعماله!