تشتهر مدينة نجران بالأكلات الشعبية التي تقدم على السفرة الرمضانية، ورغم تغيرها عن السابق، إلا أنها مازالت تحتفظ بطابعها التراثي المميز، ومازال ” الرقش” يتصدر قائمة السفرة النجرانية حتى يومنا هذا، رغم اختلاف طريقة إعداده عن السابق، حيث كانت تتسم بنوع من البساطة، لعدم توفر الإمكانيات اللازمة، وهو عبارة عن رقائق من عجين الخبز، تخبز في التنور المصنوع من الطين، أوعلى قطعة من الحجر مسطحة تسمى “السلاة” ويضاف عليها مرق اللحم المبهر، ثم توضع في إناء مخصص مصنوع من الحجر يسمى “المدهن”، وما زال هذا الإناء يستخدم حتى اليوم، كونه يتميز بحفظ حرارة الطعام مدة طويلة. في حين تعمل ربات البيوت في الوقت الحالي على إضافة بعض المكونات إلى “الرقش” ، كالبطاطس المقلية والفلفل والبيض المسلوق. إلى جانب إدخال بعض الوجبات العصرية على المائدة، كالسمبوسة والشوربة والمعكرونة، والحلويات والفطائر بجميع أنواعها. وتكاد السفرة النجرانية تخلو سابقا من العصائر أو الخضراوات، ولم يكن يقدم عليها غير التمر والقهوة والقشر، التي توضع جميعها في إناء يسمى ب “الجمنة”. ويتصدر قائمة وجبة السحور أكلة تسمى ب”الحريكة”، وهي عبارة عن مقلوبة تخبز على “السلاة” ومن ثم تهرس بالحليب والسمن الحار. وكانت عصارة الزبيب من المشروبات المهمة وقت السحور، حيث اشتهرت بأنها تقي الصائم الجوع أو الضمأ وقت النهار، فكان الأهالي يغمرون الزبيب بالماء لمدة سبع ساعات على الأقل ومن ثم يتم هرسه، ثم يوضع في قطعة من الشاش المتين ويتم عصره . كما يهتم الأهالي بحمل بعض الأطعمة إلى المساجد ليتناولوها جميعا بعد أداء العبادات. وذكرت الحاجة أم علي أن ضعف الإمكانيات قديما بالنظر للوقت الحالي، دفعهم إلى حفظ اللحوم بطرق بدائية معينة، بتعليقها على الحبال في الهواء الطلق لمدة ثمانية أيام متتالية دون أن يحدث لها أي تغيير من حيث الرائحة والطعم، غير أنه يجف قليلا، وبينت أنهم كانوا يبرّدون مياه الشرب في مايسمى ب” المشراب” و”الغرب”، وهي مصنوعة من جلود الأغنام، فضلا عن حفظه في الزير الذي يصنع من الفخار، أو “المطارة” المصنوعة من القماش المتين. وأشارت الحاجة أم علي أنهم كانوا يقضون يومهم الرمضاني كأي يوم آخر في السنة، فيستيقظون مع بداية طلوع الشمس ويزاولون أعمالهم الاعتيادية، وينامون بعد صلاة العشاء والتراويح مباشرة، بينما كانوا يعرفون وقت الإفطار عند سماع صوت المدفع، ويعرفون وقت السحور عند رؤية نجم الزهرة ساطعا، مبينة أنهم يحسبون الأشهر قديما بالمنازل القمرية وحركة النجوم، ومن أشهر النجوم التي استدلوا بها في تتابع الأشهر وتعاقب الفصول نجم “سعد” والثريا” والمرزم” وسهيل والدلو والطرف وبنات نعش. ومازال كبار السن يفضلون تناول الأكلات الشعبية على وجبة السحور، كالجفنة والمحض والبر والسمن، كما أن هناك بعض الشباب يفضلونها، وغالبا ما تتصدر مائدة السحور الكبسة الخليجية والسلطات المتنوعة وعصير الزبيب المخلوط بالحليب.