المسلسل الغريب في دراما العقار والأراضي وتزوير الصكوك يظهر أنه أطول من المسلسلات المكسيكية، وحلقاته متراكمة منذ عقود، ولم يعد يردع مافياتها شيء لا الأوامر الملكية الصارمة ولا ضوابط وزارة العدل ولا حصولنا على مراكز متقدمة عالمياً في تسجيل الأراضي والعقارات، وكل فترة نسمع عن قصة أغرب من الخيال ليس ميدانها قطعة أرض سكنية مساحتها 400 متر مربع أو يبلغ سعرها من عشرات إلى مئات الألوف من الريالات، وإنما المساحات بالملايين والأسعار بالمليارات، فمنذ الفضيحة المدوية لتزوير صكوك أرض ثول التي تابعتها وسائل الإعلام المحلية وكان للدولة منها موقف واضح وصارم، تطل علينا بين حين وآخر قصص لا تختلف عنها إلا في التفاصيل والأرقام، كقضية أرض طويرق التي أصدرت لها صكوك في محاكم تبعد عنها أكثر من 100 كم بينما تبعد الأرض عن المحكمة الشرعية الكبرى حوالى 10 كم فقط، وبالأمس نشرت الوطن عن صك مزور لأرض مخطط تبلغ قيمتها نحو مليار ريال في جنوبجدة استخرجها هامور عقارات باسمه ولم يثبت للدائرة الحقوقية في محكمة الاستئناف أن التملك جاء عن طريق الشراء أو المنح، ولا توجد أي أوراق من أصول ومشاهد سوى أنه أفرغ عن طريق كاتب عدل بجدة أحيل إلى التقاعد العام الماضي. مثل هذه القضايا تتكشف بالمصادفة أو عند وقوع خلاف، بمعنى أنه قد تكون هناك قضايا تزوير وإفراغ غير مشروع مرت ولم تكتشف، خاصة أن دم الصك يضيع بين المشترين الغافلين وتزداد تعقيداً بتعدد عمليات البيع، ومادام الجميع نسي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم «من اقتطع شبراً من الأرض بغير حقه طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين» الذي درسناه جميعاً في مدارسنا، فلم يبقَ إلا أن تسرِّع وزارة العدل موضوع الأرشفة الإلكترونية وقاعدة بيانات الأراضي، بحيث تظهر عمليات تلاعب لصوص الأراضي ومزوري الصكوك وتتحقق توجهات خادم الحرمين الشريفين الذي وقف بحزم أمام التعدي على أملاك الدولة والمواطنين.