الاندفاع القوي لوزارة التجارة والصناعة نحو إغلاق ملفات أكثر من مائتي مساهمة متعثرة، المقدّرة مساحاتها بمئات الملايين من الأمتار، وقيمها بعشرات المليارات من الريالات، والمعروضة أوراقها لدى لجنة المساهمات العقارية في الوزارة، والنظر في مسببات تعثرها، والبحث في مخارج قانونية لحلها بعد أن نجحت في تصفية عدد منها تحقيقاً لرغبة وتوجيه خادم الحرمين الشريفين، أؤكد أن هذا الاندفاع الإيجابي لن تقف ثماره فقط عند مجرّد فكِّ الخناق عن تلك المساهمات المتعثرة! بل سيتعدّاه -بإذن الله تعالى- إلى ما هو أبعد من ذلك؛ حيث من المتوقع أن تؤدّي تلك الحلول وعمليات البيع المتتالية إلى زيادة المعروض من الأراضي الصالحة للسكن، الذي بدوره سيحقق توازناً بين العرض والطلب، طالما افتقدته السوق العقارية المحلية طوال أكثر من عقدين مضيا. فعدا عمليات الاكتناز الواسعة النطاق (الاحتكار) التي وقف وراءها كبار الملاك، جاء تعثّر تلك المساهمات ليزيد من استعار الأسعار، في مقابل تنامي الطلب المحلي على الأراضي الصالحة للسكن. وما زاد الطين بلّة لاحقاً؛ أن تلك الارتفاعات المتتالية في مستويات أسعار الأراضي والعقارات، وبالتزامن مع محدودية الفرص الاستثمارية الجاذبة للسيولة، وتعثّر سوق الأسهم المحلية في تخبطاتها وخسائرها منذ 2006م حتى الوقت الراهن، كل هذا وتحت مظلةٍ من غياب التشريعات والأنظمة التي تجرّم الاحتكار، أو على أقل تقدير تكبح جماحه بفرض رسومٍ أو زكواتٍ على كنوزه المعطّلة ليس فقط للتنمية المستدامة، بل دفعت بنا إلى الوقوع في أزماتٍ اقتصادية لعل أقلّها الأزمة الإسكانية الراهنة، في بلادٍ تتجاوز مساحتها مساحة قارّة أوروبا بأكملها، وسكانها لا يتجاوزون نسبة %4 من سكان تلك القارة العجوز! المأمول مع زيادة المعروض من الأراضي، والاستقرار أو الثبات الذي يقابله في نمو دخل الأفراد، أن نشهد في المستقبل المنظور مزيداً من التراجع في أسعارها، وليتحقق الانخفاض وفقاً للمقولة (بيدي لا بيدِ عمرو).