ورد في الأثر أن علي بن الحسين، (ولد في الخامس من شعبان 38 ه وتوفي في 25 من محرم 95 ه مسموماً)، خير العرب قريش وخير العجم الفرس، ومن أجل ذلك سمي زين العابدين ب»ابن الخيرتين»، لأنه من قريش، وأمه ابنة ملك الفرس. وأمسك بزمام الشرف أنه ابن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -. أراد عمر – رضي الله عنه – أن يبيع بنات يزدجرد، وكانت أم زين العابدين – رضي الله عنه – إحداهن، فنهاه علي – رضي الله عنه – وقال: إن بنات الملوك لا يعاملن معاملة السوقة، فقال عمر رضي الله عنه: كيف الطريق؟ قال علي رضي الله عنه: يقومن ومهما بلغ ثمنهن قام به من يختارهن، فقومن وأخذهن علي – رضي الله عنه – فدفع واحدة للحسين، وأخرى لابن عمر، وأخرى لمحمد بن أبي بكر (ربيب سيدنا علي). الإمام زين العابدين، هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، – على نبينا وآل بيته الصلاة والسلام – وأمه بنت ملك الفرس، فهو من معدن نبوة ومعدن ملك – رضي الله عنه -. هو أحد سادات التابعين، قال عنه الزهري: ما رأيت قرشيا أفضل منه، وقال عنه أبو نعيم صاحب الحلية: زين العابدين، ونار القانتين، كان عابدا وفيا، وجوادا حفيا، وكان الزهري إذا ذكر عنده الإمام زين العابدين يبكي ويقول: زين العابدين. حمله عبدالملك بن مروان من المدينة يريد الشام، وأثقله بالحديد، وجعل عليه حراسا، وكان عبدالملك يخشى أن يطلب الحكم لنفسه. فخرج من الحديد وأفلت من الحراس وهم واقفون لم يشعروا به، قد أخذ الله أبصارهم، فذهب إلى عبدالملك في خيمته، ودخل عليه وقال: ما أنا وأنت؟ قال عبدالملك: أقم عندي، قال الإمام: لا أحب. قال الزهري محدثا عن عبدالملك، إنه قال: فو الله لقد امتلأ ثوبي منه خيفة. أشيع عنه أنه بخيل لشدة إسراره الصدقة، فلما مات، وجدوه يقوت مائة أهل بيت من المدينة، وورد أنه لما مات، وجدوا بظهره آثارا مما كان يحمل بالليل الجرب إلى المسكين. وكان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين معاشهم، فلما مات – رضي الله عنه – انقطع ما كان يأتيهم. قال ابن عائشة: قال أبي: سمعت أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين. كان هشام بن عبدالملك في مكة، فعجز أن يستلم الحجر من الزحام، ورأى علياً بن الحسين يقف له الناس ويفسحون له الطريق، وكان ذلك قبل خلافة هشام، فسأله أحد الحاضرين عنه، فقال هشام: لا أعرفه، وكان الفرزدق حاضرا، فقال قصيدته الشهيرة، ومنها: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله بجده أنبياء الله قد ختموا اشتهر ببره بأمه، وكان لا يأكل معها في قصعة واحدة خشية أن تقع يده على لقمة وقعت عينها عليها واشتهتها.