يواجه مجتمعنا قلة في التوعية فيما يتعلق بمرض التصلب اللويحي المتعدد، ومدى أهمية توفير العوامل المساعدة لتمكين مرضى التصلب العصبي من التعايش مع المرض. ومن المؤكد أن انتشار مرض التصلب يزداد في المجتمع السعودي، وفقاً لآخر دراسة نشرت في الكويت سنة 2005. ومسمَّى المرض ينبع من ترجمة حرفية للاسم التاريخي القديم للمرض باللغة الإنجليزية، لكن تصلب العضلات ليس جزءاً من تعريف المرض، ولعل أدق كلمة في مسمى المرض هي «المتعدد»، التي تدل على التعدد في الزمان (حصول الهجمات على مر الزمن)، والتعدد في المكان (المكان في الجهاز العصبي المركزي: الدماغ والحبل الشوكي). ويتردد على مسامع كثيرين الحديث عن مرض التصلب اللويحي المتعدد، ولكن معناه مازال غير مألوف لدى كثير من الأشخاص، خصوصاً إذا صرح الطبيب للمريض بإصابته بمرض التصلب اللويحي! إذاً، ما هو هذا المرض؟ يصيب المرض الرجال والنساء في الفئة العمرية ما بين 20 50 سنة، وهو حالة تصيب الأعصاب نتيجة هجوم الجهاز المناعي على الجهاز العصبي، وبالأخص الألياف العصبية التي تعمل على تسريع عملية نقل الإشارات الكهربائية في الخلية العصبية، ما يؤدي إلى ظهور أعراض واضحة، كالضعف في التوازن، أو الرؤية، أو الإحساس. ويتم تشخيص المرض بمراجعة الأعراض، والفحص السريري، والاستعانة بفحوصات أخرى، مثل الرنين المغناطيسي الذي يعدّ ضرورياً لتشخيص المرض، وتحليل السائل المخي النخاعي، وتخطيط الأعصاب. ويمكن تقسيم المرض بشكل عام إلى نوعين: النوع الأول هو الانتكاسي والارتجاعي الذي من خواصه حصول انتكاسات، أو هجمات من الأعراض التي تستمر بشكل مؤقت لمدة أسابيع عدة، أو أشهر، وتحدث هذه الهجمات في الغالب مرة في السنة، أو قرابة ذلك، والنوع الآخر هو النوع المتدرج الذي يتميز بعدم وجود هجمات. وكل العلاجات المناعية المتوافرة لهذا المرض موجهة لتقليل عدد الهجمات، ولذلك لا تعد مناسبة للنوع الثاني. من المهم معرفة أن المرض طبيعة ونشاط المرض مختلف من مريض إلى آخر، ومن الصعب على المرضى مقارنة المرض بينهم وبين بعض. فمن المرضى من هو بصحة كاملة، ومنهم أصحاب الإعاقة الكاملة، والغالب في ما بين الاثنين. ولا توجد إحصائيات واضحة عن المرض، وعدد المصابين به في المملكة العربية السعودية، وغياب الإحصائيات يقلل من القدرة على فهم المرض، ومعدل انتشاره، ونشاطه في المملكة، مع العلم أن أسباب مرض التصلب غير معروفة على مستوى العالم، على الرغم من الفرضيات والعوامل النظرية المطروحة، فعلى سبيل المثال هناك بعض الفرضيات التي ربطت المرض بعوامل بيئية، أو فيروسية، ولكن لا يوجد سبب واضح يؤدي إلى الإصابة بالتصلب اللويحي. ولذلك يجب على المريض استشارة طبيب أعصاب مختص إذا شعر بأي أعراض عصبية، كضعف، أو صعوبة حركة الأطراف، أو أعراض بصرية، كفقدان، أو ازدواجية في النظر، وصعوبة التحكم بالبول، والبراز، كما يجب أن يكون للمريض وأسرته دور فعال من خلال التثقف عن المرض، إضافة إلى الجوانب المهمة والمتعددة لدعم فترة العلاج، كالتغذية الجيدة، والعوامل النفسية، ولا ننسى أهمية الصحة الجسدية، فالدواء وحدة لا يكفي! ولا يجب أن يحصل على المعلومات إلا من مصادر موثوقة، كالطبيب المختص، أو المؤسسات المعترف بها لرعاية مرضى التصلب. وهناك مرضى التصلب يلجأون إلى استشارة أكثر من طبيب، ما يؤدي إلى إرهاق المريض، وتأخر الخطة العلاجية. ونؤكد أن نشاط المرض يختلف من مريض إلى آخر، وبالتالي فالأعراض الجسدية تختلف باختلاف نشاط المرض، والخطة العلاجية تختلف أيضاً، ولا يقل العامل النفسي أهمية بالنسبة لبرنامج علاج مريض التصلب، كذلك الدعم المعنوي من الأسرة، الذي يعادل أهمية الدواء، ويجب تفعيل دور المجتمع في دعم مرضى التصلب، وتوفير فرص اجتماعية ووظيفية تتناسب مع قدرات المرضى الوظيفية، فهم قادرون على العمل والإنتاج كالأصحاء تماماً، ولا ينبغي أن نجعل المرض عائقاً دون العطاء، كما نرجو من مسؤولي الصحة، والقائمين على برامج البحث والتطوير، تكثيف الجهود لإحصاء مرض التصلب اللويحي في المملكة، وإجراء البحوث اللازمة لدراسة مدى انتشار المرض في المملكة العربية السعودية، ودراسة العوامل المؤثرة في نشاطه وانتشاره، كما نتطلع إلى مزيد من التعاون مع المؤسسات الدولية للتصلب اللويحي لتطوير الأدوية واللقاحات التي قد تساعد على توقف تقدم المرض وانتشاره. ويُنصح مريض التصلب المتعدد بتجنب التدخين الذي أثبتت الدراسات تأثيره السلبي في نشاط المرض. كما يُنصح بتفادي درجات الحرارة المرتفعة (التعرض للشمس، أو الاستحمام بالماء الساخن)، لأن ارتفاع درجة حرارة الجسم يؤدي إلى ظهور الأعراض بشكل وقتي. ويُنصح بممارسة الرياضة المتوسطة، وتفادي الرياضة العنيفة المجهدة، وتناول الغذاء الصحي. ومعظم مرضى التصلب المتعدد لا يحتاجون إلى زيارات متقاربة إلى عيادة الأعصاب، ولكن لابد من التواصل القريب مع الفريق العلاجي في حالة ظهور أعراض جديدة.