شهدت السنوات الأخيرة عملاً دءوباً لكثير من العلماء لإيجاد أدوية جديدة لعلاج مرض التصلب اللويحي المتعدد، وهو عبارة عن مرض نسيجي يصيب المادة البيضاء من النظام العصبي المركزي (الدماغ والحبل الشوكي)، حيث تمثل المادة البيضاء مواد دهنية عازلة للألياف العصبية المسئولة عن إرسال إشارات التواصل بين النظام العصبي المركزي والأعصاب الطرفية المرتبطة بالأعضاء المختلفة في الجسم، ويتسبب المرض في تلف وفقدان المادة التي تعزل العصب. وحيث إن مناطق الضرر أو التلف العصبية تسمى لويحات أطلق على المرض اسم التصلب اللويحي، ولظهور الالتهابات في مناطق عشوائية متعددة من المادة البيضاء في النظام العصبي المركزي تم إضافة كلمة المتعدد فأصبح اسم المرض التصلب اللويحي المتعدد. والمرض ينتشر عالمياً بشكل ملحوظ وأثبتت الدراسات أن أعلى معدلات الإصابة به تحدث في أوروبا خصوصاً بريطانيا والدول الاسكندنافية "النرويج والسويد وأمريكا الشمالية" بمعدل شخص واحد لكل ألف شخص، والمرض يصيب النساء أكثر من الرجال بمعدل (3 نساء إلى 2 من الرجال). وهو عادة ما يحدث في المناطق الباردة أكثر من المناطق الحارة مناخياً. وتظهر الأرقام العالمية أن مرض التصلُّب اللُّويحي المتعدد يصيب ما بين 25 إلى 50 فرداً لكل 100.000نسمة في البلدان العربية، ونحو 100 فرد لكلّ 100.000 نسمة في شمال أوروبا، وَهُم الأكثر عرضة للإصابة بالمرض المزمن في العالم، إذ يبدو أن انتشار المرض يزداد كلما ابتعدنا عن خط الاستواء. وتشهد معدلات مرض التصلب اللويحي تزايداً في المملكة العربية السعودية، حيث تشير آخر الإحصائيات إلى أنه قد يصيب من50-70 من كل مائة ألف شخص سنوياً. أسبابه قد يكون المرض له سبب وراثي أو لعامل بيئي مجهول، كما أن الأقارب من الدرجة الأولى للمصابين بالتصلب المتعدد لديهم احتمال أكبر للإصابة مقارنة بعامة الناس، كما أنه إذا أصاب المرض أحد التوأمين يكون هناك 31% احتمال إصابة للتوأم الآخر، وهذا دليل على وجود عوامل وراثية للمرض. وتصلب الأنسجة المتعدد يصيب النساء أكثر من الرجال وخصوصا الفئة ما بين 20-40 سنة ولكنه نادراً ما يبدأ في الطفولة ويصعب سريرياً وصف حالة التصلب اللويحي المتعدد لأنها حالة متقلبة ومتغيرة جداً، ويمكن أن يتغير نوع وشدة الأعراض كثيراً استناداً إلى أجزاء النظام العصبي المركزي المتأثرة ومدى الضرر الحاصل، وتختلف الأعراض اختلافا كبيرا حسب المنطقة المصابة من الجهاز العصبي المركزي، وقد تشمل :- الإعياء والضعف المفاجئ - عدم الرؤية بوضوح أو ازدواج الصور البصرية - تخدر الأطراف -اضطراب في جهة واحدة من الجسم - صعوبة المشي - فقدان التوازن - عدم القدرة على التحكم في التبول - رجفان في الأطراف - ثقل اللسان وتلعثم الكلام – ضعف العضلات – ضعف التنسق بين الحركات – ضعف الأطراف السفلية والعلوية – إرهاق غير معتاد – تشنج عضلي وتيبس – وأحياناً الشلل النصفي أو الكامل – صعوبة التحكم بالتبول – ومشاكل في المثانة أو الأمعاء – مشاكل جنسية - صعوبة التفكير، وقد تؤثر على الذاكرة والشعور بعدم التركيز والنسيان وتغيرات في المزاج والكآبة. وقد تزول هذه الأعراض وتختفي بعد النوبة الأولى لمدة أشهر أو سنوات، ثم تتبعها نوبة أخرى وتتفاوت فترات النوبات والهدوء وتستمر لعدة سنوات ثم تزداد الأعراض سوءاً بشكل تدريجي، ولا يمكن أن يصاب شخصان بذات الأعراض، بل يختلف وصف المرض لكل شخص بشكل كامل. ويعتمد تشخيص المرض على الأعراض التي يشتكي منها المريض كما هي مذكورة أعلاه والتي تعتمد في تقديرها على مهارة الطبيب وخبرته، وكذلك الفحوصات المخبرية التي تتمثل أساساً في تحليل سائل النخاع وكذلك فحص الموجات الكهربائية في الأعصاب السمعية والبصرية، بالإضافة إلى التطوير الطبي للدماغ بالرنين المغناطيسي والذي يعتبر الأكثر أهمية ودقة من جميع ما سبق في تشخيص المرض؛ حيث إنه يظهر وبدقة متناهية التغيرات التي تصيب الجهاز العصبي والتي عادة ما تأخذ أشكالاً وتوزيعاً محدداً وتصيب أماكن معينة من المخيخ والنخاع المستطيل والمادة البيضاء من المخ والحبل الشوكي، كذلك فإن إضافة فحص الصبغة إلى فحص الرنين المغناطيسي يساعد على تقييم مدى نشاط المرض. العلاج تستخدم الأدوية لعلاج هذا المرض بالإضافة إلى أن الحمية الغذائية قد تكون فعالة في معالجة تصلب الأنسجة المتعدد حيث يجب تجنب الأطعمة التي تحتوي على الجلوتين (مادة غروية)، وهذا يعني تجنب كل الحبوب – الحنطة والشعير والشوفان - والمواد الغذائية التي تحتوي عليها مثل "حبوب الإفطار، الرقائق، الخبز الأبيض، الكعك، البسكويت، والأطعمة الأخرى التي تحتوي على الطحين"، فضلاً عن الأطعمة التي تحتوي على منتجات الألبان (الحليب السائل، القشدة، الزبد، الجبن) بالإضافة إلى تجنب السكر المكرر واستبداله بالعسل الطبيعي وسكر الفاكهة. وكذلك تجنب الدهون الحيوانية المنخفضة والدهون غير المشبعة وهذا يشمل لحم البقر والجمل والبط ولحوم الحيوانات المربية في المزارع ويمكن استبدالها باللحوم البرية.. وعلى المريض عدم التعرض للشمس والابتعاد عن الحرارة ومصادرها وتجنب الإجهاد، مع ضرورة ممارسة الأنشطة الرياضية على أن تكون بسيطة وغير مرهقة لتنشيط العضلات والدورة الدموية.