يعن الله الغامدي الفستان الأبيض حلم كل فتاة تنتظر به فارس أحلامها وحفلة العرس ليلة عمر تتوج فيها ملكة على عرشها وهذه الأحلام تداعب خيال كل فتاة وتعانق فكر كل شاب وقد أمر الله عز وجل عباده بالزواج ورغب فيه لما فيه من حكم ومصالح وهو الوسيلة الشرعية لنظام اجتماعي يختلف من مكان لآخر وهو أيضا يشبع الحاجات النفسية والجسدية ويحقق المودة والرحمة، فكلا الزوجين لباس وستر للآخر وبما أننا نعيش أجواء الصيف، موسم العطلات والأفراح، فمن المناسب لنا الحديث عن غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج الذي يشعر به معظم الشباب مما جعلهم يحجمون عن الزواج فأفرز لنا ذلك كثيرا من السلبيات وخاصة مع الفتيات اللاتي يعاني أكثرهن من العنوسة وهذه المشكلة وذلك الخطر أدركه كثير من علمائنا الأفاضل وكثير من مثقفينا الكرام وحذروا من التغالي في المهور والتبذير في المناسبات التي تزداد عاما بعد عام. إن الزواج حياة جديدة ورباط مقدس بين المرأة والرجل يستكمل به كل منهما شطر دينه بأركان وشروط معلومة وبمهر معلوم سماه القرآن صداقا مرة وأجرا وفريضة مرة أخرى وظاهرة ارتفاع تكاليف الزواج في تلك الليلة المحمومة تقلق كثيرا من العائلات وتؤلم كثيرا من العانسات لذلك فهي تحتاج إلى دراسة متكاملة وعلاج حاسم قبل فوات الأوان والأيام القادمة في صيفنا هذا ستشهد كثيرا من المناسبات والزواجات وتتعدد فيها الولائم والحفلات ونشاهد أنواع التبذير في طعامنا وشرابنا وأنواع الإسراف في ملبسنا ومسكننا فأين دورك أيها المسكين في ذلك المساء الذي تتحكم فيه النساء؟ لقد أصبحت المهور متاجرة والولائم مفاخرة والتبذير مناظرة وهل المطلوب أغلى قاعة أو أكبر قصر لتلك الليلة؟ وهل من اللازم أفخم كوشة وأحسن زفة وأجمل مطربة وأحدث آلات؟ مع دقاقات ومزغردات وعاملات لتقديم الحلويات والعصيرات والتمريات والمعجنات وأنواع الكليجة والفطائر على مدار الساعة من غير الثلاجات المطقمة والفناجيل المذهبة والمناديل المعطرة والمفارش المطرزة إذا استثنينا ليلة الحناء وليلة الدخلة والشبكة وملحقاتها فما يصرف في ليلة واحدة يسدده كامل الأوصاف في سنوات. هناك أشياء لا يراها إلا النساء في ذلك المساء من أجل أن يقال عن أهل العرس: إنهم قدموا ما لا عين رأت في زواج قبله ولا أذن سمعت عن مثل ذلك الحفل! قد لا تكون المشكلة في المهور بقدر ما تكون في ليلة العمر تلك التي لم تسلم منها حتى بيوت الأقارب إذا جاء موعدها رأيت حالات طوارئ وسيارات نجدة وغرف عمليات واستنفار بأعلى الدرجات في بيت كل قريب لتصبح أماكن الخدمات ودورات المياة مشغولة على مدار الساعة فواحدة عند مراية التسريحة للمكياج وأخرى عند مراية الصالة للعدسات وثالثة عند مراية الدولاب للمجوهرات ورابعة عند مراية المدخل للاستشوار والبقية لمتابعة الألوان وتناسقها وهن في أشد أوقات الذروة! ونحن لسنا ضد الاحتفالات ولكننا ضد الإسراف الذي ذمه الله في 22 آية ولم تكن زواجاتنا في الماضي بهذه الصعوبة ولم تكن المصروفات مكلفة ففيها قليل من الطعام وكثير من الراحة. تسعد النفس عندما يرى الأب ابنه أو ابنته في فرح وخير بعد الزواج بعيدا عن المشكلات والخلافات الزوجية، خاصة من تلك التي أفرزت لنا كثيرا من حالات الطلاق التي تشير إليها الإحصاءات الرسمية الصادرة من وزارة العدل لعام 1429ه، عدد حالات الزواج وصلت 113.760 حالة وعدد حالات الطلاق وصلت 23.760 حالة، أي بمعدل حالة طلاق في أقل من كل نصف ساعة تقريبا. وهي مؤشرات خطيرة تهدد بتفكك الأسر وخلخلة المجتمعات وإحباط الشباب الذين يفكرون في ليلة فرح واحدة تكلفهم وتأخذ معظم رواتبهم وتدخلهم في ديون وقروض. وحتى لا تتفاقم تلك المشكلة فيصبح الفساد منتشرا والحرام سهلا وتصبح التكاليف ظاهرة فقد دعا كثير من العلماء إلى النظر في تلك التكاليف على أنها هم وطني يجب حله من أجل المحافظة على شباب هذا الوطن لما يترتب على ذلك من عواقب دينية واجتماعية، والمبادرة بتبني فكرة إمارة منطقة جازان وذلك بإنهاء مراسم حفلات الزواج في قصور الأفراح لديهم قبل الساعة الواحدة ومتابعة ذلك ميدانيا من قبل أصحاب القصور والمشايخ وجهات الاختصاص الأخرى إلى جانب تشجيع الزواجات الجماعية من قبل الإمارة أو المحافظة ومشاركة أصحابها من بعض الأمراء والوجهاء والأعيان وشيوخ القبائل مع تقديم مساعدات مالية وعينية من أهل الخير والاستفادة من الأدوار التي تقوم بها تلك الجمعيات في تيسير الزواجات الجماعية خاصة حتى نصل جميعا إلى زيادة عقود النكاح من جهة وانخفاض صكوك الطلاق من جهة أخرى كما دعا إلى ذلك رسول خير أمة أخرجت للناس صلى الله عليه وسلّم.