جرمان أحمد الشهري في الوقت الذي يحرص فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، على رفعة الوطن والاهتمام بالشباب السعودي وتأهيله، وفي الوقت الذي يتوسع فيه تعليمنا العالي بإنشاء مزيد من الجامعات واستحداث الجديد من التخصصات العلمية التي تخدم الوطن، وفي نفس الوقت الذي يواصل فيه برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث نجاحاته وتألقه في جميع دول العالم التي يدرس بها أبناؤنا وبناتنا، وفي هذه الأثناء يبشرنا سمو الأمير خالد الفيصل بروحه المتفائلة وعقليته المتفتحة ونظرته المشرقة بأن بلادنا -إن شاء الله- ستلحق بالعالم الأول علما وحضارة وتطورا خلال السنوات القليلة القادمة.. أقول في خضم كل ذلك وفي ثنايا هذا الاهتمام الكبير من القيادة الرشيدة، وهذه النظرة المتفائلة من قبل سمو الأمير خالد الفيصل، تذكرت أحد اللقاءات التي حضرتها، التي جمعت مديراً عاماً بمرؤوسيه في جولته التفقدية لأعمالهم، وبعد نهاية الحفل الخطابي الذي أعد لتلك المناسبة، فُتح المجال للأسئلة والاستفسارات، فقام أحد الموظفين الصغار بتوجيه سؤال إلى سعادة المدير العام، وقبل أن يطرح سؤاله، رأى أن يوضح ويمهد للسؤال فقال (يا سعادة المدير العام، أنا التحقت بهذه الإدارة وأنا أحمل شهادة الثانوية العامة، ولرغبتي في استكمال دراستي الجامعية وحرصي على استثمار وقت الفراغ بعد الدوام الرسمي، التحقت بالجامعة وحصلت على درجة البكالوريوس، ثم قدمت شهادتي إلى إدارتي من أجل الرفع لي بطلب صرف نسبة 10% من الراتب أسوة بزملائي الآخرين، ولكن مع الأسف لم يتم رفع طلبي، لذا أرجو من سعادتكم التوجيه برفع الطلب حسب النظام الذي تم تطبيقه على زملائي) فماذا كانت إجابة ذلك المدير العام؟! إنها إجابة محبطة بكل ما تعني هذه الكلمة، محبطة لجميع الحاضرين وليس للسائل فقط، لقد أجاب سعادته بما يلي «نحن في (…….) وذكر اسم الجهة التي يديرها، لا نحتاج موظفين لديهم شهادات جامعية، فقط نريد موظفين يقومون بأداء أعمالهم مثل غيرهم من بقية الموظفين»، ذُهل السائل وحاول أن يسيطر على خيبة الأمل التي خيمت على مشاعره وأحاسيسه، فقال: يا سعادة المدير أنا ولله الحمد سيرتي الوظيفية يشهد عليها الله سبحانه وتعالى ثم ملفي ورئيسي المباشر وزملائي الذين أمامك، فأنا أقوم بواجبي بكل إخلاص ولم أقصر أبدا في أي عمل يسند إلي، وهذا رئيسي بإمكانك أن تسأله أمام الملأ وأنا راضٍ بما يقوله عني وراضٍ أيضا بما تتخذه أنت من قرار تجاهي. عند ذلك نظر سعادة المدير العام إلى ساعته متجاهلاً السائل وسؤاله، وقال هل من سؤال آخر؟ ولم يعلم سعادته بأن الآخرين قد أصيبوا (بالبَكم) بعد تلك الإجابة المحبطة لزميلهم، فكيف لمن فقد الكلام أن يستطيع توجيه السؤال؟ هذا أنموذج إداري سيئ -مع شديد الأسف- مازال يمارس سلطاته وجهالته على موظفين مؤهلين وطموحين، فهل يا ترى سنلتحق بالعالم الأول وبيننا مدير عام بهذه العقلية المتخلفة؟