طالب المتحدثون في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الدفاع عن حرية الفكر والإبداع في المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، مساء الأربعاء الماضي، بضرورة اتخاذ مواقف سياسية ودستورية تؤكد على حرية الإبداع في مصر، في ظل المخاوف من انعكاس وصول الإسلاميين إلى السلطة على المناخ الثقافي والفني في البلاد. وكان المؤتمر، الذي نظمه المجلس الأعلى للثقافة المصري، بالتعاون مع اللجنة الوطنية للدفاع عن حرية الفكر والإبداع، قد بدأ بالوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء الثورة المصرية، والشاب أحمد حسين، الذي قتل في السويس، قبل أيام. وافتتح المؤتمر بكلمة للأمين العام للمجلس سعيد توفيق، أكد فيها على أنه “ينبغي على الرئيس الجديد للبلاد محمد مرسي، أن يؤكد على حرية الإبداع في مختلف الفنون ومجالات الثقافة المتعددة”. وأوضح توفيق أن “ما تم الحصول عليه حتى الآن، مجرد تطمينات، نتمنى أن تتحقق فعليا على أرض الواقع، ويتأكد ذلك عندما لا نرى مصادرة لفيلم أو لكتاب، ولا يكون هناك أي قيود على حرية الرأي، مع ضرورة البدء بمبادرة لإيجاد الثقة”. وتحدث الشاعر الشعبي سيد حجاب في المؤتمر معتبرا أن “الدفاع عن حقوق حريات الفكر والإبداع في مصر، التي تشهد مرحلة فارقة في تاريخها، ضرورة أساسية، خصوصا وأن هناك إشارات مسمومة بدأت تظهر في السماء، مثل جريمة قتل شاب من أبناء مدينة السويس، كرسالة ترسلها جماعات متطرفة توحي ببداية طريق مظلمة”. وطعن الشاب أحمد حسين (20 عاما) في 25 يونيو الفائت، وتوفي متأثرا بجروحه الأحد الماضي، ودفن الثلاثاء في جنازة شعبية. وأشار شهود إلى أن القتيل خرج يوم الحادث، والتقى خطيبته أمام سينما، وشاهد ثلاثة ملتحين يستقلون دراجة نارية، ويرتدون جلابيب بيضاء نهروه على وقوفه مع فتاة، ورغم تأكيده لهم أنها خطيبته، فإنهم طعنوه بسيف في الفخذ، وقطعوا شريانه. وقد أوقفت السلطات مرتكبي الجريمة. وفي ختام الجلسة الافتتاحية، ألقى وكيل مؤسسي الحزب الاشتراكي المصري بيانا صادرا عن مثقفي مصر بعنوان “من أجل موقف وطني موحد لحماية الهوية الثقافية”. واعتبر البيان أن “الهوية الثقافية المصرية تتعرض لمحاولات آثمة وغاشمة من التشويه والتمزيق والطمس باسم الدين، والدين منها براء”. وأضاف البيان أن “ما يشهده المجتمع المصري في هذه اللحظة، من استهانة بمدنية الدولة، واستهداف حرية الفكر والإبداع جرس إنذار على ما يتهددها”. كما أشار البيان إلى “رفع قضايا على بعض المفكرين والمبدعين، مثلما حدث مع الفنان عادل إمام، والكاتبة نوال السعدواي، والتعدي على النشاطات الفنية والإبداعية في الجامعات”. ورفض البيان “أي شكل من أشكال الوصاية أو الرقابة على الفكر أو الابداع تحت أي ستار”، وطالب بضرورة “تمثيل المثقفين في الجمعية التأسيسية المكلفة بكتابة الدستور”. وشدد البيان على أن “مصير مصر أصبح مرهونا الآن بمعركة مصر الثقافية من أجل حاضر ومستقبل الوطن، وهي معركة إن هزمت مصر فيها، ستكون أخطر من أي هزيمة عسكرية لحقت بها، وهذا يحمل المثقفين مسؤولية تاريخية لأن يقودوا هذه المعركة، انتصارا للحرية والإبداع والفكر”. وجرت مشاحنات بين بعض المشاركين في المؤتمر من التيار الإسلامي، وآخرين هتفوا ضد “حكم مرشد” جماعة “الإخوان المسلمين”. وتبعت حفل الافتتاح الجلسة الأولى للمؤتمر، وهي بعنوان “حقوق وحريات الفكر والإبداع”، وقدمت خلالها أوراق بحثية، وأدار الجلسة المخرج مجدي أحمد علي. والأوراق التي قدمت “حرية الفكر والإبداع في الدساتير المصرية” لعصام الإسلامبولي، و”قضايا الحسبة.. متى ولماذا؟” للكاتب حلمي النمنم، و”حق التقاضي وملاحقة المبدعين” لأحمد سيف الإسلام، و”القوانين المقيدة لحرية الفكر والإبداع” للباحثة ماجدة فتحي رشوان، و”حريات التعبير في الدستور الثقافي” للشاعر رفعت سلام. أ ف ب | القاهرة