يبدو أن رد الجزائر بالرفض على مبادرة تونس الأحادية الجانب حول فتح حدودها لبلدان المغرب العربي – باستثناء ليبيا – وتجاهل المغرب وموريتانيا لهذه المبادرة أربك مسؤولي الخارجية التونسية وخلط عديداً من أوراقهم. وكان مساعد وزير الخارجية المكلف بالشؤون المغاربية والعربية والإفريقية، عبدالله التريكي، أعلن الأسبوع الماضي أن بلاده قررت السماح لرعايا دول المغرب العربي، عدا ليبيا، بدخول أراضيها ببطاقة التعريف الوطنية «الهوية»، بدءً من بداية يوليو الجاري. وقال التريكي في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء التونسية الرسمية إن «مواطني الدول المغاربية سيكون لهم، بداية من يوليو، حق العبور بمجرد إظهار بطاقة الهوية، عوضاً عن جواز السفر، بالإضافة إلى حق التنقل والشغل والتملك والاستثمار في تونس». إلا إنه إثر الرفض الجزائري، نفى وزير الخارجية التونسي رفيق عبدالسلام أن تكون بلاده قررت السماح لرعايا دول الاتحاد المغاربي بدخول تونس دون جواز سفر، مضيفاً أن القرار لم يُتَّخذ بعد في هذا الشأن وأنه مجرد مقترح سيُعرَض على القمة المغاربية القادمة. في المقابل، صرح مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الجزائرية بأن النية تتجه نحو استدعاء السفير التونسي في الجزائر وإبلاغه مدى امتعاض الحكومة الجزائرية تجاه ما سمَّاه «الانفلات الدبلوماسي» الذي اتسمت به تصريحات المسؤولين التونسيين بخصوص فتح الحدود لمواطنيها والسماح لهم بالتنقل بكل حرية بين البلدين بدون حاجة للاستظهار بجواز السفر. وحسب وكالة الأنباء الجزائرية، قال المصدر المسؤول «سنطالب الخارجية المتمثلة في سفيرها بالجزائر بالتزام الانضباط الدبلوماسي». واعتبر مراقبون وسياسيون تونسيون ذلك بمثابة صفعة لتونس وللدبلوماسية التونسية وحمَّلوا وزير الخارجية التونسي رفيق عبدالسلام المسؤولية عن هذا الخطأ والقرار المتسرع وغير المدروس. وأثارت هذه المسألة جدلا واسعا في تونس حول مدى كفاءة مسؤولي الدبلوماسية التونسية وعلى رأسهم الوزير رفيق عبدالسلام الذي وُصِفَ بأنه يفتقد الخبرة الكافية والحنكة اللازمة لإدارة ملف الدبلوماسية وتمثيل الثورة في الخارج. وتعرض عبدالسلام لنقد شديد منذ توليه حقيبة الخارجية في حكومة الوزير الأول حمادي الجبالي على خلفية تصريحات له أخطأ فيها بخصوص طول السواحل التونسية وأخرى اعتبر فيها أن الباجي قائد سبسي الوزير الأول السابق لم يعد يصلح للعمل السياسي بسبب سنه، وهو ما رآه كثيرون تصريحا غير أخلاقي لا يليق بوزير خارجية وما يجب أن يتحلى به من رصانة واتزان. وترى أحزاب تونسية معارضة أن أخطاء الدبلوماسية التونسية تتوالى بكثرة ابتداء من طرد السفير السوري الذي لم يكن موجودا في تونس عندما أُعلِنَ عن طرده مرورا بقضية تسليم البغدادي المحمودي إلى السلطات الليبية وصولا إلى الصفعة الجزائرية والتجاهل المغاربي لمبادرة تونس فتح حدودها أمام المواطنين المغاربة وما تلا ذلك من ارتباك وتخبط في تصريحات الخارجية التونسية. وتطالب شخصيات سياسية باستقالة رفيق عبدالسلام بدعوى «إساءته لسمعة تونس وصورة ديمقراطيتها الناشئة». ويعد عبدالسلام من أبرز مناضلي حركة النهضة في المهجر وكان يرأس قسم البحوث والدراسات في مركز الجزيرة للدراسات قبل أن يتم تكليفه بحقيبة الخارجية، وهو صهر رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي. يأتي هذا في الوقت الذي تمر به الحكومة التونسية بمشكلات عديدة أحدثت صدعا في الائتلاف الحاكم المتكون من حركة النهضة الإسلامية وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات.