أوضح الدكتور حسين المناصرة أن عادة الرواية الأولى لأي كاتب تكون عبارة عن سيرة ذاتية تتحدث عن حالة فرح، أو حزن، إلا أن الروائي الشاب عبدالله العمري سعى في روايته الأولى «23 يوما.. أو الرصاص المسكوب» إلى أن تكون تجربة إنسانية متكاملة نسبياً. وقال المناصرة، خلال تقديمه قراءة للرواية في أمسية نقدية معنونة ب»منابع اللغة السردية»، أقامها نادي أبها الأدبي وأدارها عضو مجلس إدارة النادي ظافر الجبيري: إن هذه الرواية تكتب صاحبها قبل أن يكتبها، فهي تجر بة إنسانية كيميائية إبداعية، ولابد أن تخرج في ثوبها الفاعل المؤثر، وبأحاسيس صادقة ذات سقف عال تجاه صراع غير متكافئ بين قوة صهيونية شريرة، تمتلك أسلحة القتل والدمار، وقوة أخرى تتمثل في شعب فلسطيني أعزل، تُدمر بيوته فوق أطفاله ونسائه وأضاف إن من يقرأ هذا العمل يشعر أنه قصيدة شعرية طويلة، أو وهج إنساني تأملي، أو «فانتازيا»، موضحا أن اختيار الكاتب أنثى لتكون بطلة روايته أنثى، قد يفسر تفسيراً إشكاليا يفضي إلى كون الحرب الفعلية نفسية في مثل هذه الحرب الجائرة، وغير المتكافئة، مشيراً إلى أنه يريد أن يتغلغل في أعماق النفس البشرية الرقيقة. من جانبه، قال كاتب الرواية عبدالله العمري إن القضايا الإسلامية، فالعربية، فالقومية، كانت تحل في ذيل اهتمامات السرديين، كمخرجات كان يجب أن تضع نفسها في مقدمة اعتناء الأدباء بقضاياهم الفكرية، وخطوطهم الحمراء، التي رسمها رموز تاريخنا المجيد، بدافع الإيمان بالله، ثم بالأرض، وما يتسق مع كل هذا داخل إطار «الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». وأضاف أن الرواية التاريخية لم يسبق لها نيل شرف عناية الكتاب، بدفئهم، وهوايتهم، كما حظيت بهما الرواية الاجتماعية، على سبيل المثال، موضحا أنه روايته كانت محاولة يرمي بها إلى النيل من التاريخ البحت، الذي أخذ جل ما نملك من حس وشعور، وأبدلنا إياهما بالأرقام والأسماء. وأوضح أن الرواية تعني، ببساطة، عدد أيام الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة أوائل عام 2009م، والتي أطلق عليها جيش الاحتلال اسم عملية «الرصاص المسكوب»، مشيراً إلى أنه حاول أن تبدو الرواية كدعوة صادقة للسلام في الشرق الأوسط، منتقدة أساليب العنف والمواجهة، داعية إلى الحوار والمصالحة داخل البيت الفلسطيني، ومواجهة الخطأ بالقانون، لا بالخطأ نفسه. وشهدت الأمسية مداخلات عدة من الحضور، مقدمة رؤية فنية عن الرواية ومبدية بعض الملاحظات عليها، ودار معظمها حول ما يكتب في المشهد السردي الروائي السعودي.