في حواراتنا نجد أحدهم في يده سوط غليظ يجلد به موضوع الحوار، والآخر يقف بين الجالد والمجلود يحاول أن يثير الرحمة بقلب الجالد وأن يزرع الأمل بأن المجلود سيتغير نحو الأفضل، وكلما ناقشنا مشكلة نجد البعض ينتقد لدرجة الجلد الذي يصل أحيانا إلى (جلد الذات). ومن أبشع أدوات جالدي الذات هي سوط المقارنة، إذ يقارن كل شيء بكل شيء، فيقارن مثلاً زحام الرياض بمترو أنفاق دبي، وفوضى بعض السعوديين مرورياً بانسيابية الشعب البريطاني مرورياً، في حين نجد ناقد الذات عكس جالدها، فهو يحاول أن يذكرنا كيف كان الوضع وأين أصبح وأن الإصلاحات قائمة وأن لا مجتمع يخلو من مشكلات وأن كل المشكلات هناك من هم قائمون على حلها والزمن كفيل بإنهائها. فليتنا نتحلى جميعاً بنقد الذات لا جلدها، وأن نسقي شجرة الحلول لمشكلاتنا ونعتني بها لتنمو وتصبح أكبر من أشواك المشكلات، أما أن ننقسم قسمين: نصفنا يجلد الذات والنصف الآخر ينتقدها فذلك مدعاة لتباطؤ نمو شجرة الحلول وقد تعلوها أشواك المشكلات،, والنمو السريع الذي نعيشه يحتاج أن نحمله على عربة النقد التي تدفعه لا أن نحمله على عربة الجلد التي تردعه.