بدأ أكثر من ثمانية آلاف خريج وخريجة من المرحلة الثانوية في مدارس التعليم العام والخاص بمحافظة حفر الباطن، أولى خطوات المعاناة المتمثلة في الركض يمنة ويسرة للحصول على فرصتهم في خوض الدراسة الجامعية على الرغم من ضآلة الفرص أمامهم وقلة الخيارات خاصة وأن أقرب الجامعات إلى محافظتهم تبعد أكثر من 300 كيلو متر. عانى خريجي الثانوية العامة من البنين من أبناء المحافظة طوال عقود مضت، الأمرين وهم يجدون أنفسهم خارج أسوار القبول الجامعي على اعتبار أن معظم الجامعات السعودية تعطي أولوية القبول لخريج مدارس المدينة ذاتها التي توجد بها الجامعة وهو الأمر الذي ضيق الخناق على طلاب حفر الباطن الذين لا يقبل منهم سنويا سوى 30% من أكثر من أربعة آلاف خريج، وذلك في جامعة القصيم (450 كم) وجامعات الرياضوالدمام (500 كم) وجامعة الحدود الشمالية (600 كم)، في حين تستسلم البقية الباقية إلى البطالة وانتظار الوعود خاصة أولئك الذين لا تساعدهم ظروفهم المعيشية والمادية والاجتماعية على ترك أهاليهم وتحمل تكاليف السفر والدراسة والعيش خارج المحافظة، في حين تتبقى نسب قليلة ينخرطون في دراسة الدبلوم في كليتي (التقنية والمجتمع) على طريقة ( مكرها أخاك لا بطل)، ويدرس أكثر من ألف طالب في الكلية التقنية لكنهم يتحولون بعد تخرجهم إلى عاطلين عن العمل بسبب ضآلة الفرص الوظيفية أيضا. وعلى جانب خريجات مدارس البنات اللآتي يزيد عددهن عن أربعة آلاف خريجة، فإن المعاناة تشتد وتكبر باعتبار صعوبة انتقالهن للدراسة بعيدا عن أهاليهن خاصة في ظل انخفاض نسبة القبول في كليات التربية بجامعة الدمام إلى أقل من 20%، وهو الأمر الذي دعا عميد كلية التربية الدكتور عبدالله الحربي العام الماضي بتقديم اقتراح حول ضرورة فتح الدراسة المسائية في كليات البنات بحفر الباطن لمحاولة استيعاب العدد الكبير من الخريجات إلى أن هذه الخطوة لم تحظ بدعم من وزارة المالية رغم الموافقة عليها من أمير المنطقة الشرقية وعميد جامعة الدمام. «الشرق» رصدت حالات القلق والخوف والتأهب والاستعداد التي يعيشها هذه الأيام الطلاب والطالبات، حيث شهدت المكتبات والقرطاسيات في محافظة حفر الباطن ازدحاما كبيرا نظرا للإقبال الكبير من قبل أولياء الأمور للطالبات خاصة لتسجيل بناتهم في كليات حفر الباطن، في حين تمتلئ مقاهي الإنترنت بالشباب الذين يسابقون الزمن لمحاولة الحصول على مقعد جامعي يضمن له قضاء إجازة الصيف بطمأنينة وراحة بال. يؤكد الطالب وليد محمد أنه منذ استلامه لشهادة الثانوية العامة لم يهدأ له بال ويعيش قلقا كبيرا خاصة مع رغبته في إكمال دراسته، ويقول مازن الهضيب أن ما يحدث لخريجي حفر الباطن يعد أزمة حقيقية يجب أن يتم معالجتها في السنوات المقبلة، مضيفا: «أعرف الكثير من أصدقائي لا يستطيعون السفر وتحمل متاعب الدراسة خارج المحافظة وليس أمامهم إلا دراسة الدبلوم رغم أن نسبهم عالية جدا تتعدى ال95%. شدد وكيل محافظة حفر الباطن مسلط بن عبدالعزيز الزغيبي على أهمية وضرورة إنشاء جامعة بحفر الباطن خاصة في ظل اكتمال كافة العوامل التي على ضوئها يتم افتتاحها، مؤكدا أن معاناة أبنائنا وبناتنا بات هاجسا مؤرقا لنا جميعا في كل عام ونحتاج إلى تضافر الجهود لإيصال أصواتنا، مبينا أن الموضوع يجد اهتمام ودعم الأمير محمد بن فهد أمير الشرقية. قال الكاتب والمؤلف محمد مهاوش الظفيري أن وجود جامعة في حفر الباطن سيحدث نقلة كبيرة باعتبار الجامعة سلاحا معرفيا هاما لتطور المجتمع، كما أنها تعتبر رافدا من روافد التنمية في أي مدينة. تمتلك وزارة التعليم العالي أرض مساحتها ثمانية ملايين متر مربع وفق صك شرعي، غير أنها لم تبادر بإنشاء جامعة تحتضن أبناء أكثر من سبعمائة ألف نسمة. يذكر أن أكثر من عشرين طالبا من مدارس المحافظة حصلوا على نسبة تجاوزت 99% في السنة الأخيرة من الثانوية العامة. خريجو حفر الباطن يطالبون بجامعة تحتويهم