تقف عادات القبائل المتعصبة عائقا أمام زواج الفتيات في بعض مناطق المملكة، فيرفض الأهالي تزويج بناتهم برجال من قبائل لا تمت بصلة لقبيلتهم، لاختلاف العادات والتقاليد فيما بينهم، الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي على الفتاة بشكل خاص، وعلى المجتمع بشكل عام، فيزيد من نسبة عنوسة الفتيات ويقلل فرص زواجهن، إلى جانب الكآبة التي قد تعترض الفتاة نتيجة خوفها من أن يطلق عليها «عانس». سيطرة العادات تروي علياء سلمان (23 عاما) معاناتها مع عائلتها، مبينة أنها لم تتزوج بعد، بسبب إصرارهم على تزويجها برجل من قبيلتها، وتقول « تقدم لخطبتي كثيرون من قبائل مختلفة، إلا أن أهلي رفضوا ذلك بشكل قطعي»، مشيرة أن أختها الكبرى عانت نفس المعاناة، ولم يتم تزويجها إلا برجل من نفس القبيلة، وأضافت «ما حدث جعلني أصطدم بالواقع، وأتساءل بأي حق يتم حصر الزواج على قبيلة دون غيرها كنتيجة لسيطرة العادات ؟» وبينت مرام صالح ( 26عاما)، أنها مخطوبة لابن عمها منذ صغر سنهما، وأضافت «لا خيار لي في ذلك، فجميع العائلة يعلمون أني لابن عمي منذ صغرنا، وهو أمر مسلم به، وذلك لاقتناع أهلي بأن لا أحد يستطيع الحفاظ عليّ كابن عمي، ومع أني لم أرفض ذلك لأني أراه شخصا مناسبا، إلا أني أرفض فكرة حصر الزواج بمجملها، فهي تقلل من فرص زواج الفتيات». وتقول نوف أحمد البالغة من العمر 27 عاما، أنها متزوجة منذ خمسة أعوام برجل من قبيلة غير قبيلتها، وأضافت «أعتبر نفسي أكثر حظا من غيري، فمنذ صغري وأنا أسمع عن عادات القبائل ورفضهم تزويج فتياتهم برجال من غير قبيلتهم، ولم أعِ ذلك حتى نضجت». سمعة القبيلة وأوضح الاختصاصي الاجتماعي النفسي وليد الزهراني أن العائلات ترفض تزويج الفتاة برجل من غير قبيلتهم خوفا على الفتاة، لاختلاف العادات و التقاليد بين كل قبيلة، بالإضافة إلى اعتقادهم أنهم يحافظون بهذه الطريقة على سمعة القبيلة ويفتخرون بها. مبينا أنها عادات نشأت في المجتمع كموروث من الأجداد، تمسكوا بها وغيبوا الثقافة وأهملوا التوصيات الإلهية، منوها أنهم وضعوا فروقا فيما بينهم تنافي ما ورد في كتاب الله تعالى ( وخلقناكم قبائل لتعارفوا). وأشار الزهراني إلى أن الرجل يستطيع أن يعدد ويقترن بزوجة من قبيلة أخرى، معتبرا ذلك نوع من إثبات الوجود، منوها إلى إمكانية اقتران قبيلة بقبيلة أخرى لدواعي مادية. مبينا الآثار السلبية جراء ذلك، ويوضح «سيؤدي التمادي في ذلك إلى ازدياد نسبة العنوسة و تكدس الفتيات و حصر الخيارات، خاصة وأن أهل الفتاة لا يهتمون بهذه الآثار بقدر اهتمامهم بعدم خروج الفتاة عن القبيلة، إلى جانب آثار ذلك على الفتاة، كتعرضها للكآبة والقلق والخوف، فهو أمر فيه ظلم للمرأة، ومن شأنه توليد حقدها تجاه أهلها». انتحار الفتيات ونوه الزهراني إلى لجوء بعض الفتيات إلى الانتحار كنتيجة عكسية لتعصب الأهل، وأضاف» إن تكافؤ النسب أمر مطلوب، ولكن لا يجب التمادي والتعصب فيه لدرجة توقف مسيرة الحياة الطبيعية، وتدفع الأهل إلى إهمال مشاعر بناتهم من أجل عادات وتقاليد قديمة». واعتبر الشيخ ابن عثيمين أمر القبلية في الزواج ثانويا، مبينا أن الزواج يعتمد على الأخلاق والدين، فيتوجب القبول بالخاطب إذا كان ذا خلق ودين، مستدلا على ذلك بقوله – صلى الله عليه و سلم -: ( تُنكح المرأة لأربع لمالها و حسبها و جمالها و دينها).