كشفت السيدة وصال المهدي حفيدة قائد الثورة المهدية في السودان، الذي أقام أول دولة وطنية في تاريخ السودان الحديث، وزوجة الزعيم الإسلامي الشيخ حسن الترابي العقل المدبر لانقلاب جبهة الإنقاذ بقيادة الرئيس السوداني عمر البشير، في حوارها مع “الشرق” عن توجه مبكر لجماعة البشير لإقصاء الترابي عن المسرح السياسي. وأكدت زوجة الترابي على رفضها آراءه الفقهية ، وقالت إن حديث الترابي عن زواج المسلمة من كتابي وإمامة المرأة للصلاة رأي وليس بفتوى. وقالت نحن المسلمين نتخير الرجل المسلم الأفضل ديناً وخلقاً. كما تحدثت عن الجوانب الأخرى من شخصية الترابي، وقالت إنه بعيد كل البعد عن المطبخ ولا يساعد في الأعمال المنزلية، ومتفرغ تماما لإحياء دين الإسلام، ولكنه يساعد أبناءه وأحفاده في دروس اللغة الفرنسية ويتناقش معهم في العطلات ويحب اللعب مع أبنائه وأحفاده في أوقات فراغه. كما تحدثت عن التربية المحافظة لآل المهدي، وقالت إن الاستماع إلى الموسيقى في بيت المهدي يعاقب عليها بعشر جلدات. ونفت السيدة وصال الحديث الذي يدور عن مواجهة الترابي لصعوبات مالية بسبب عدم عمل الترابي وتفرغه للإنتاج الفكري والعمل السياسي، وقالت إن أوضاعهم المالية مستورة ولله الحمد، وإنها تعمل بصحبة ابنها عصام في مزرعة ورثتها عن أبيها. وفيما يلي نص الحوار – عندما بدأت الإنقاذ (حكومة البشير) دار حديث عن فساد آل الترابي، تحديدا ابنه عصام وقيامه بشراء قصور بملايين الدولارات والآن لا أرى أي ملامح ثراء؟ ** هذا ظلم، الإنقاذ أخاف الناس ، وبعد ثلاث سنوات من الحكم العسكري جاء مجددا حكم عسكري آخر، والناس لم يستوعبوا ذلك ، وبالنسبة لابني عصام فهو لا يملك منزلا خاصا به، ويعيش معنا الآن في شقة بمنزل أسرة الترابي في المنشية. – من المعروف أن الشيخ الترابي كان العقل المدبر للحكومة قبل الانقلاب؟ ** نعم وتم اعتقاله ولا أعرف لماذا؟ فحينما وقع انقلاب البشير كنت في مناسبة زواج ، وجاءني أحد أقربائي يبلغني بالأمر قلت له متسائلة: لماذا ألقى جماعة البشير القبض على الشيخ؟ ولماذا تلاميذه وهم النائب الأول علي عثمان طه ووزير الصناعة الحالي أدخلوه في الزنزانة ومنعونا من زيارته لمدة أسبوعين، وكذلك منعونا من تزويده بأي شي. وفي أول زيارة لنا له في السجن لاحظت ابنتي أن والدها اشتعل رأسه شيبا. وحينها علمت باكرا أن هناك نوايا مبيتة من تلاميذه لإبعاده عن المسرح السياسي. ولاحقا زارني علي عثمان طه برفقة عوض الجاز للاعتذار لي شخصيا عن اعتقال زوجي ووضعه في الزنزانة، وكان علي عثمان يقول لي” والله يا أمنا ما كنت أعرف الشيخ حسن في السجن” ثم يوجه الحديث إلى مرافقه عوض الجاز مستنكرا “أليس كذلك ياعوض..شفت الناس”. – أثارت آراء الترابي الفقهية جدلا واسعا خاصة فيما يتصل بزواج المسلمة من كتابي، بجانب إمامة المرأة للصلاة فإذا جاء خاطب لابنتك يهودي أو مسيحي ..هل تزوجينه؟ ** لا أوافق ، وإن جاء مسلما طالبا الزواج من ابنتي لابد أن أتخير أولا الشخص المناسب، وغير مقتنعة بفتواه في هذا الخصوص، هذا خلاف في الرأي. والشيخ حسن يقول إن المرأة لديها شخصية قوية لأنها تحمل الطفل وهي في ذلك أقوى من الرجل وهذا معروف في القرآن في سورة البقرة (وليس الذكر كالأنثى) والمشبه به في العربية أقوى من المشبه. ولأن المرأة أقوى من الرجل يمكن أن تكون سببا في إسلام زوجها المسيحي وهذا رأيه. – وهل أنت مقتنعة بفتواه حول إمامة المرأة؟ ** لماذا لا تسأل الشيخ حسن؟. – أسألك بحكم أنك مسلمة وحفيدة الإمام المهدي و إنسانة مناضلة ومثقفة .. وأبديت رأيك في الفتوى الأولى. ** بررت لك الفتوى الأولى وأنا قلت رأيا وليس فتوى والشيخ حسن ما قال أنها فتوى وأما رأيه فيما يتعلق بإمامة المرأة للصلاة، فهي مشروطة إذا كانت حافظة للقرآن ولم يكن هناك من الرجال من يحفظ القرآن فيمكن أن تؤمهم. – هذا رأي الشيخ حسن فما هو قول السيدة وصال المهدي ؟ ** والله أنا لست معه في هذا الرأي – بالنسبة للجانب الآخر للشيخ حسن الترابي ...هل يسمح وقته مشاركة أبنائه اهتماماتهم وهواياتهم ودروسهم مثل بقية الآباء ..وهل يساعدك أحيانا في المطبخ؟ ** (ضاحكة) عمره ما دخل المطبخ. لأنه يركز في مسألة إحياء دين الإسلام. لكنه يهتم كثيرا بصحة الأولاد ويحب الأحفاد، ويحب اللهو معهم. – هل لديه لعبة معينة يحب أن يلعبها معهم؟ ** قبل فترة كان الشيخ يلعب مع أيمن بالكرة في الحديقة فسقط أرضا من الإجهاد – هل يراجع الدروس لأبنائه وأحفاده؟ ** لا يراجع الدروس لأبنائه أو أحفاده، ولكنه يساعدهم في مادة اللغة الفرنسية، وفي الجمعة والعطلات يتناقش معهم، ولكن حتى مسألة النقاش هذه تعتبر نادرة. – ماذا عن دراستك وتحصيلك الأكاديمي؟ ** والله أنا درست. – ما صحة الحديث الذي يتردد عن حدوث ضائقة مالية تعيشها أسرة الترابي مما دفع زوجته وصال المهدي العمل في مزرعة ؟ ** هذه المزرعة ورثتها عن والدي، وابني عصام يعمل بها ولكننا لا نستطيع زراعتها لقلة القدرات المالية وعدم توفر السيولة الكافية لعمليات الزراعة، لكن الناس تتكلم كثيرا ولا يعرفون شيئا عن أسرار البيوت لكن مستورة والحمد لله رغم الغلاء. – من أين تنفق أسرة الترابي خاصة أنه لا يملك عملا، ومتفرغ تماما للعمل السياسي؟ ** زوجي لا يملك عملا ولكن لديه إرث ويدبر أموره، ونحن والحمد لله مرتاحون. أنا ورثت أرضا عن والدي رحمه الله ، وكان جدي الإمام عبد الرحمن المهدي أغنى رجل في أفريقيا، ونحن نطالب الحكومة برد أراضينا المصادرة في مشروع الجزيرة المروية، بجانب أراض أخرى في النيل الأبيض والشمالية والقضارف ولدينا حوالي 2 مليون فدان. – هناك حديث أن الإمام المهدي هو أول من بدأ تعليم البنات القرآن. ما صحة ذلك؟ ** تعليم البنات القرآن بدأ قبل المهدي منذ فترات طويلة في السودان ، وليس شيئا غريبا أن تكون المرأة السودانية حافظة للقرآن وقائدة يمكنها أن تتولى أمورا وتتحمل أوضاعا كثيرة. – كيف تتم تفاصيل ومراسم الزواج عند آل المهدي...هل هناك حفل وغناء ورقص حسب العادات في السودان ؟ ** عندما يتم تزويج البنات تكتب لهم أشعار، ومازلت أذكر أني أحفظ عديلة (قصيدة) السيدة أم سلمة وهي تحتوي على خصائلهم وتقوم بمدحهم ولا يوجد شيء خلاف العقد والبلح ،يعني مسألة الرقص ما كانت موجودة حتى الآن. – لا تحبين الغناء خوفا من سياط الشيخ أم هناك أسباب أخرى؟ ** أبدا، ولكن تطبعت على هذا الشيء. من جهتي أحب الكلمات التي تدعو إلى الفروسية، صحيح أن هناك أغاني رفيعة المستوي لغويا يمكن أن يستمع لها الشخص ولكن ما أسمعه الآن ليس طربا بقدر ما هو خروج عن المعنى . – سيدة وصال أنت من أم درمان التي يتميز أهلها بأنهم أكثر السودانيين تمسكا بالعادات والتقاليد في مسألة الزواج ...ألم يكن هناك حفل غنائي في عرسك؟ ** نحن لسنا من أم درمان، فالمهدي من الخرطوم ورحل إلى أم درمان. وكان رجلا زاهدا، ومن مواقفه التي تؤكد ذلك أنه في ذات يوم قال إنه يشتهي كبد إبل، وعندما جاؤوا بها له قال لا حول ولا قوة إلا بالله أشتهي ثم آكل، لا يمكن أن يكون الاثنان معا. وكان الغناء ممنوعا وكان الناس محتشمين. – في زواجك من الشيخ حسن كتبت لك قصيدة؟ ** نعم. أكثر من قصيدة ولكنني لا أحفظها. – حينما زوجت بناتك ألم تطلبي مهرا محددا؟ ** لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم .”هذا عيب كبير”، ومن العيب أن نطلب نحن في آل المهدي مهرا محددا لتزويج بناتنا. – كيف كان يربي الإمام المهدي أبناءه ؟ ** عندما أخبروا الإمام محمد أحمد المهدي”الزعيم الإسلامي التاريخي في السودان” بأن زوجته أنجبت بنتا ذهب مسرعا ليراها حتي كاد أن يسقط من شدة فرحه بقدوم هذه البنت. فقالت له الضرة لماذا أنت فرح هكذا وقد أنجبوا لك بنتا فرد عليها قائلا: “إن ابنتي تأتي بالفارس من بطنها وتأتي بالفارس من أهله ولها عند الله سبحانه وتعالى إن شاء الله مقام سبعين فارسا” لذا فهو يعد بناته للجهاد وقام بتعليمهن القرآن في “الخلوة “وهي مكان لا زال موجودا حتى الآن في الناحية الجنوبية بمنزل المهدي. وأنا عاصرت جدتي وهي من بنات المهدي الأكبر سنا وتزوجت في المهدية ووالدتها فاطمة بنت حسين من أرياف مصر وعلى ما أعتقد من طنطا”. وكانت معنا في المنزل “حبوبة” الجدة فاطمة وهي قريبة والدتي بنت حسين وكانت تحتفظ بلهجتها المصرية.