الأمير سلمان بن عبدالعزيز الجوف – راكان الفهيقي زهير الحارثي وصف الباحث المتخصص في الأنظمة والقانون وعضو مجلس الشورى الدكتور زهير الحارثي، اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولياً للعهد وتعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع، بالقرار السريع والحاسم، مؤكدا أنه أغلق باب التكهنات والشائعات التي تدور حول المنصب الشاغر لثاني رجل في الدولة بعد وفاة الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله ، ويؤكد نظرة الملك الثاقبة واستشعاره لمسؤولياته واستشراف المستقبل البعيد، حين أصدر نظام البيعة للبلاد ولائحتها التنفيذية مراعيا الاستحقاقات القادمة والمتغيرات الراهنة داخليا وإقليميا ودوليا، وأضاف «الملك رسخ بذلك قواعد مؤسسة الحكم واستمراريتها بفاعلية لتحقيق مصالح الوطن وحماية الوحدة الوطنية من التفكك والتمزق والانقسام». وقال الحارثي ل « الشرق» إن سرعة صدور الأمر الملكي حسم قضية حساسة كانت محل جدل ونقاش في المجالس والمنتديات، وأكد أن نظام الحكم يسير على خطى ثابتة وراسخة. وأضاف أن القرار جاء مستندا على نظام البيعة الذي أغلق الثغرات وما قد ينشأ من ظروف واحتمالات تهدد بفراغ دستوري، مما يعني تعزيز المفهوم المؤسسي في صناعة القرار السياسي وانتقال الحكم، ليكون خطوة دستورية تحديثية لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، فضلا عن تكريس استقرار الوطن وحماية الوحدة الوطنية من التشرذم والانقسام. وأشار الحارثي إلى أنه بالعودة للقراءة القانونية، نجد أن الدستور عادة ما يتكون من أبواب محددة، يهدف منها إلى وضع مجموعة من القواعد كخطوط عامة رئيسة لتبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها مع تبيان ركائزها الثلاث التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، وتكوينها وتوزيع السلطة بينها بشكل يبين اختصاص كل منها بسلطات محددة وعلاقاتها مع بعضها البعض، بالإضافة إلى أنها تتكفل ببيان حقوق الأفراد الأساسية ومقومات الدولة ومواردها المالية وكيفية تصريفها وما إلى ذلك من أمور اجتماعية واقتصادية وغيرها، مضيفا أن النظام الأساسي للحكم احتوى على هذه الأبواب، إلا أن الباب الثاني المتعلق بنظام الحكم وتحديدا في المادة الخامسة فقرة «ب» التي تنص على أن «يكون الحكم في أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود وأبناء الأبناء... ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله»، لم توضح الآلية التي يمكن من خلالها مبايعة الأصلح من الأسرة المالكة، ولذا أرى ومن زاوية قانونية أن نظام البيعة جاء كلائحة أو مذكرة تفسيرية توضيحية إن جاز التعبير، لها طبيعة الإلزام لباب نظام الحكم المتضمن أربع مواد (5 8) في النظام الأساسي للحكم (الدستور)، ولا تهم المسميات بقدر ما أن المهم يكمن في المضامين، ومع ذلك فالمصطلحات القانونية لا سيما في هذا الجانب الدستوري تبقى هامة ومفصلية حيث أن النظام (المذكرة التفسيرية) أضاف وعدل وفسر باب نظام الحكم الوارد في النظام الأساس للحكم وجاء كآليات، فشرح الفقرة (ب) وتم تعديل فقرة (ج) بأمر ملكي، وأضاف الآليات لتعيين ولي العهد، وأشار لكيفية التعامل مع الحالات الممكن حدوثها من عجز أو مرض أو وفاة الملك أو ولي العهد أو كليهما معا، حتى لا يحدث فراغ دستوري، فأوكلت للهيئة بمبايعة ملك جديد، وألزمت مجلس الحكم المؤقت بإدارة تصريف شؤون الدولة بشروط حددها النظام. ولذلك يمكن القول إن الدساتير تكون شاملة ولها أطر عامة، وليس من طبيعة الدساتير أن تتطرق للتفاصيل؛ إذ توكل ذلك لمذكرات تفسيرية تلحق بالدستور، تشرح المعنى العام الوارد في مواده. واعتبر الحارثي، أن تطبيق خطوة الملك الدستورية ترجمة لرؤيته في مؤسسة الدولة، والمضي بها قدما في مشروعها الإصلاحي والتنموي. واختتم بالتأكيد على أن تعيين الأمير سلمان وليا للعهد، قرار حكيم وفي محله، عطفا على الخبرات السياسية والقيادية الكبيرة التي يتصف بها سموه، فهو الرجل الذي عرف عنه الحنكة والانضباط ولديه سجل تاريخي حافل بالإنجازات على مدى الأعوام الماضية، وتتصف شخصيته بالانفتاح وتقبل الإصلاح والتغيير فيما عدا ما يمس ثوابت العقيدة والدين والدولة، مؤكدا على حالة الانسجام الفريد التي تثبتها الأيام بين القيادة والمواطن وهو ما يفسر حالة الرضا والشعور الذي اكتنف كل مواطن ومواطنة، بعد إعلان قرار اختيار الملك للأمير سلمان ليعكس مدى حجم الثقة والقبول التي يجدها ولي العهد لدى الجميع عطفا على ما عرف عنه وتقديرا لدوره المفصلي في تحمل أعباء ومسؤوليات قيادية على مدى عقود.