حظي ملف السعودة وتوظيف الكفاءات الوطنية باهتمام بالغ من الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز – رحمه الله – فقد كانت قضايا الشباب جل اهتماماته لإيمانه بأنهم البنية الأساسية في استقرار أي بلد، الأمر الذي جعله يسعى إلى الاستثمار فيهم عن طريق تأهيلهم وتدريبهم وسعيه الحثيث إلى إحلال العمالة السعودية، ولا شك أن الاستقرار الأمني المنبثق من اهتمامه بالشباب جذب الكثير من الاستثمارات الأجنبية، خاصة بعد ما سمي بثورات الربيع العربي، و أجمع خبراء اقتصاديون ل»الشرق» على أهمية دور الأمير نايف في دعم شباب الوطن للحفاظ على الأمن والاستقرار. تسرب الأموال وقال الخبير الاقتصادي ورئيس المركز السعودي للدراسات والبحوث ناصر القرعاوي، إن الأمير نايف – رحمه الله – اهتم بقضايا الشباب لإيمانه بأنهم أساس البناء والتنمية والاستقرار، فقد تبنى قضية توطين الشباب في مفاصل القطاع الخاص منذ سنوات طويلة، وبدأت السعودة منذ نحو عشر سنوات حينما ترأس لجنة وزارية منبثقة من مجلس الوزراء تُعنى بتوطين وسعودة الوظائف في القطاع الخاص لما للشباب من دور تنموي وأمني، بالإضافة إلى تدوير رؤوس الأموال في البلد والتي تذهب عبر العمالة الأجنبية إلى الأسواق الخارجية، إذ وصلت إلى 115 مليار ريال سنويا. تأهيل الشباب وأضاف أنه انبثقت من رؤاه واهتمامه بملف الشباب توجيه النظر إلى موضوع التعليم والتدريب والتأهيل الموازي للتوطين، لخلق جيل جديد قوي ومحصّن بالتعليم والتدريب،إذ التقى بوزير العمل آنذاك د. غازي القصيبي وحثه على إقامة البرامج التدريبية والشراكة مع القطاع الخاص وإنشاء مراكز ومعاهد منفصلة عن منظومة مؤسسة التعليم والتدريب المهني والتقني، كما أوجد شهادة سنوية تقديرا للجهات التي التزمت بالسعودة، وأشار إلى أن هذا الاهتمام الوظيفي بالشباب من شأنه أن يسهِم في الاستقرار العام، فهو كوزير للداخلية يعرف كيف يمكن أن تتوفر عوامل الاستقرار في أي مجتمع تتوفر فيه الملاءة المالية والفرص الوظيفية لأبنائه بدلا من الاستقدام من الخارج. وأبان القرعاوي أنه – رحمه الله – كان عادلا مع القطاع الخاص متوسطا بين توطين الوظائف وعدم الضغط على هذا القطاع، وبالتالي تدرجت نسب السعودة حتى وصلت الآن في كثير من القطاعات إلى 60%، مشيرا إلى أن هناك مجالات عمل لا تلقى قبولا من الشباب ومع ذلك تجاوزت نسبة السعودة فيها 20%، لاسيما بعد برنامجي «حافزونطاقات». وأكد أن الفقيد أوجد برامجا تتصف بالديمومة وستستمر حتى بعد وفاته وسيشهد على ذلك حافز ونطاقات، متوقعا ارتفاع نسبة السعودة في عامي 2012 و2013 إلى أكثر من 70% في معظم القطاعات الرئيسة، وخاصة في المصارف والبتر وكيماويات والصناعة. مبادرة السعودة من جهته، أكد المحلل الاقتصادي وأستاذ إدارة الأعمال الدولية الدكتور محمد القحطاني، أن الأمير نايف هو صاحب المبادرة الأولى في قضية السعودة، وله دور كبير في إنشاء العديد من المراكز والبرامج والمؤسسات التي تُعنى بالسعودة في مختلف مناطق المملكة، إدراكا منه بأحقية المواطن في العيش بحياة كريمة من خلال وظيفة مناسبة يستطيع أن يكّون بها أسرة ومسكن، وأن يتفاعل ويتعايش مع المجتمع من حوله، وأضاف أن الراحل سخر كل إمكاناته في خدمة هذا الجانب، ووجه جميع الوزارات المعنية لدعم قضية السعودة، موضحا أن هذه القضية تلامس فئة الشباب التي تعد من أهم فئات المجتمع، فمعها يأتي الاستقرار العام، لذلك حرص على أن يجد وظيفة للشاب تحميه من الضياع والممارسات الخاطئة، الأمر الذي ينعكس في النهاية على أمن المجتمع. 50 ألف وظيفة و أشار القحطاني إلى أن من عوامل جذب الاستثمارات الأجنبية وجود الأيدي العاملة المدربة، إذ ركّز – رحمه الله – على دعم وتدريب الشباب السعودي في مختلف المهن والوظائف التي ينشدها المستثمرون الأجانب، وجزم بأن أكثر من 65% من المهن التي خلقتها الاستثمارات الأجنبية في مجال العلامات التجارية يعمل بها سعوديون، مبينا أن عدد هذه الوظائف تجاوز 50 ألف وظيفة. وأكد أن المملكة كانت ولا تزال جاذبة للاستثمارات الأجنبية، نظرا لبيئتها الآمنة والمستقرة في وقت تشهد فيه العديد من الدول اضطرابات وقلاقل.