عبر خبيران اقتصاديان عن مخاوفهما من انتقال عدوى الديون اليونانية إلى بقية دول منطقة اليورو، وأكدا ل» الشرق» أن المشكلة ليست في اليونان وحدها، بل إن دولاً أخرى مهددة، وأوضحا أنه لا حل لأزمة منطقة اليورو إلا في التحول إلى اتحاد فيدرالي. يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه كبريات الشركات الأوروبية عن تحويل ما تبقى من سيولة لديها إلى خارج اليونان مثل شركات «هايننكن» الهولندية، تي يو إيه السياحية، كارفور، ودياجو ديو. فيما قامت شركات أخرى بحملات تخفيضات كبرى على منتجاتها مثل نستله، ودانون وبوكتور أند إمبل، وبدأت شركات الطيران بدراسات لتتخذ نفس النهج. مصير اليونان ويرى المستشار الاقتصادي الدكتور محمد شمس أن المشكلة لا تكمن في اليونان وحسب، مؤكداً أنها لن تحل في يومين أو ستة أشهر وأن يوم ال17 من يونية سيحدد مصير اليونان الاقتصادي والسياسي وهو موعد انتخابات المرحلة الثانية لاختيار رئيس الدولة. وقال إن الانتخابات ستحدد نوع الحكومة التي ستتعامل مع مشكلتي القروض اليونانية والالتزام بسياسة التقشف التي فرضتها عليها دول منطقة اليورو، فإذا كانت هذه الحكومة الجديدة من المعارضين لسياسة التقشف فستكون في هذه الحالة مشكلة للدولة لأن دول منطقة اليورو وبالذات ألمانيا ستجمد المعونات لليونان، وهذا ما قد يقود اليونان إلى الخروج من منطقة اليورو. وأضاف شمس أنه قبل الانتخابات وبعدها سيكون هناك هروب لرؤوس الأموال من البنوك المحلية سواء الأموال اليونانية أو الأجنبية، ما سيقلل النقد فيها وبالتالي سوف تعلن اليونان إفلاسها، ولن تتمكن الدولة من دفع الديون أو دفع رواتب الموظفين، فضلا عن عدم مقدرتها على دفع قيمة خدمة الديون، وهي ما تعرف بقيمة فوائد الديون التي عليها، وفي هذه الحالة ستضطر اليونان لمنع هروب رؤوس الأموال منها. الإفلاس وخرق المعاهدة وأوضح أنه لو حدث ذلك فمعناه أن اليونان خرقت معاهدة منطقة اليورو ومعاهدة الاتحاد الأوروبي القاضيتين بمنع تدفق رؤوس الأموال بين دول اليورو وبالتالي ستقوم دول منطقة اليورو بطرد اليونان منها ومن السوق المنفردة، وهي مختلفة عن السوق المشتركة، وهنا ستبدأ الأزمة الكبيرة بإعلان اليونان إفلاسها. وعد الدكتور شمس أن الخطورة والتخوف الأكبر في هذه الحالة هو أن تنتقل عدوى خروج اليونان من دول اليورو إلى الدول الأخرى، مشيراً إلى أن إسبانيا الآن على حافة اللحاق باليونان نتيجة ارتفاع معدل البطالة بها إلى 24% في حين يبلغ معدل البطالة بين الشباب 50%، ولم يتجاوز النمو الاقتصادي فيها 0.7% خلال 2011، تليها البرتغال إذ يبلغ الدين مقارنة بالناتج الوطني فيها 100%، فيما تبلغ معدلات البطالة نحو 15% ويبلغ معدل البطالة بين الشباب نحو 35%، والنمو الاقتصادي – 1.6%، تليها أيرلندا إذ يبلغ معدل الدين العام لديها 108%، بينما تبلغ نسبة البطالة 15%، ويبلغ معدل البطالة بين الشباب نحو 32% في حين لا تتجاوز معدلات النمو 0.7%، ناهيك عن إيطاليا التي تبلغ البطالة فيها 9.3% وتبلغ البطالة بين الشباب نحو 32% ولا يتعدى النمو الاقتصادي فيها 0.5%، ومعدل الدين العام بالنسبة للناتج الوطني 120%. ولايات أوروبية من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور علي دقاق، أن أزمة دول اليورو لن تحل أبداً إلا إذا وافقت جميع دول اليورو على التوجه لتصبح ولايات أوروبية على غرار الاتحاد الفيدرالي لدول أمريكا، واصفاً هذه الخطوة بالمتعسرة نظراً لسيطرة الحمائية والنظرة الفوقية بين هذه الدول. وأضاف أن هذا التحول أمامه ما يقارب من سنتين أو ثلاث سنوات ليأخذ منحى التطبيق، مؤكداً أن أزمة الديون ستكبر وتتفاقم ما سيؤدي لهروب الاستثمارات الأجنبية إلى دول أكثر أماناً ولديها تسهيلات اقتصادية. وبيّن أن دولا كثيرة ستصل لما وصلت إليه اليونان مثل إيطاليا، واستبعد أن تتجه الاستثمارات التي ستهرب من هذه الدول إلى دول الشرق الأوسط أو الشرق آسيوية، معدا أنه ليس من السهل أن تتجه هذه الاستثمارات لدول الشرق مثل كوريا الجنوبية أو الصين، مرجحا أن تبقى في أوروبا وتتجه لدولها القوية اقتصادياً مثل ألمانيا، كما ستتوزع بحسب نوعية الاستثمارات إن كانت في الطاقة أو التكنولوجيا أو البتروكيماويات.