وقبل أن نبدأ الحديث أريد أن أسألك: أنت «علمي» والاّ «أدبي»؟ كي نرجع إلى نقاش مُرٍّ -كحال تناقضنا- «مُعقَّدٍ مُمتَنِع»! كتب الأستاذ فهد عامر الأحمدي مقالةً بعنوان «أعطني مخترعا وخذ كل الأدباء»! تناول فيها أهمية العلوم التطبيقية؛ فلا يمكن لأديب أن يُحلّي مياه البحر ولا لشاعر أن يشفي من مرض السرطان (حسب وصفه)!حتى قال:»كم ستخسر البشرية في حال توقّف الملاحق الأدبية، وكم ستخسر في حال توقُّف الجامعات التقنية»؟! أوافق أستاذنا؛ إلا أنه قد أغفل دور الأدب نوعاً ما؛ فقد تتسبّب قصيدةٌ «ما» في تحفيز مهندسٍ لخدمة بلدة معشوقتة دون خيانة، ليكون دور الأدب -هنا- شديد الأهمية! ومسرحيةٌ أخرى أمام طبيبٍ تقدّمَ علميّا فنقصهُ قليلُ أدبٍ طمعاً في درجة استشاري وهو لا يملكها. فلن يردعه عن التمادي -في الأخطاء- سوى مسرحية حزينةٍ مليئة بالأخطاء الطبية والتمثيلية -لعدم دعم المواهب- ولكنّها أقنعت الطبيب بخطئه عن طريق الدراما أكثر مما ردعته لجنةٌ صحية ستُشكّل على الدّوام! وبالمناسبة فالتعاطي مع العلوم الإنسانية أكثر تعقيدا من التعامل مع أجهزة وجمادات تعتمد على نظريات ثابتة.ولا ننسَ أن المشاعر والأحاسيس أساس الإبداع؛فمن سيُولّدها غير الأدب؟ لا تنسوا أن تعودوا لأرض الواقع، فستجدوا أن الخطأ ليس من الصِّنف بل من ثقافةٍ جعلت من اجتهاد «الدافور» أيّا كان تخصُّصُه منقصةً له وعيباً ارتكبه! قول الأستاذ فهد إنّ الأدباء كالنخل في البلاد/ أكثر ممّا ينبغي مقابل اختفاء محاصيل استراتيجية مهمّة! كلامٌ جميلٌ في حال لو كان هناك اهتمام بالغ -أصلا-بالأدباء! وعن النّخيل فهو أقرب إلى الاندثار في بعض المناطق، وما المدينة المنوّرة عنك ببعيد! وكذا الحال مع الأدب والثقافة! ولئن نموت «بأدب» دون تقدّم في التقنية والصناعة فلهو خير من الموت بهرمون «دواجن» صناعيٍّ متطوّرٍ وبلا أدب! إذن؛ وعلى هذا المبدأ -المعارض تماما لكاتبنا: أعطني أديباً وخذ كلّ المخترعين!