خصصت منظمة اليونسكو يوم 23 أغسطس من كل عام لذكرى ضحايا «تجارة الرقيق » بهدف مراجعة تاريخ هذه الصفحة الأليمة من حياة الإنسان. حيث تعد تجارة الرقيق ضمن أسوأ انتهاكات حقوق الإنسان في تاريخ البشرية. لقد كانت تجارة الرقيق عبر الأطلسي أمراً فريداً في تاريخ الرق ويرجع ذلك لطول أمدها (أربعمائة عام) وحجمها (قرابة 17 مليون شخص باستثناء أولئك الذين لقوا حتفهم في أثناء نقلهم في رحلة المتاعب والمعاناة الإنسانية عبر البحار والمحيطات) . وشكلت تجارة الرقيق عبر الأطلسي أكبر عملية ترحيل قسري في التاريخ الإنساني. وبامتدادها منذ القرن السادس عشر إلى القرن التاسع عشر، فقد شملت مناطق وقارات متعددة: أفريقيا وأمريكا الشمالية والجنوبية، وأوروبا والكاريبي وتسببت في بيع ملايين الأفارقة، واستغلالهم من قبل الأوروبيين والأمركيين . وعلى الرغم من الألم الذي سيسببه كشف الحقائق الخفية، إلا أنه لابد من الاستمرار في هذا العمل، لتجاوز أخطاء الماضي. كما أن هناك ضغوطا كبيرة من قبل الجمعيات والمنظمات الإنسانية العاملة في مجال مكافحة العنصرية والعديد من المثقفين والمفكرين ، لمطالبة الغرب بالاعتراف بأخطائه وتصحيحها. وحيث ظهرت صفحات منسية من تاريخ أوروبا وأمريكا، وأفصحت عن مدى المعاناة التي تسببت فيها لأبناء القارة السمراء على مدى قرون طويلة، وتركت آثارها حتى الآن، فإنه لابد وأن تتحمل الدول التي مارست تلك الجريمة البشعة مسؤوليتها المعنوية والأدبية، وذلك بالاعتذار والاعتراف بتلك المأساة الإنسانية. وسداد تعويضات مالية عن تلك الحقبة المظلمة ، ومن أفضل سبل توجيه تلك التعويضات هو دعم شعوب إفريقيا للخروج من دوامة الفقر والمرض والعنف والجهل . وقد حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 مارس 2007 على أنه اليوم العالمي لإحياء ذكرى مرور مائتي عام على القضاء على تجارة الرقيق عبر الأطلس… وإدراكا منها للأثر الدائم للرق في العالم الحديث، اعترفت الدول الأعضاء بأنَّ الرق كان في قلب «التفاوت الاجتماعي والاقتصادي العميق والكراهية والتعصب والعنصرية والتحيز والإقصاء والتمييز، والتي لازالت تؤثر في الأشخاص ذوى الأصل الإفريقي حتى عصرنا الراهن . إنَّ الهدف من هذا اليوم هو تخليد ذكرى أولئك الذين قضوا نحبهم نتيجة الرق إضافة إلى أولئك الذين ماتوا من جراء التعرض لأهوال الرق .. وفى النضال من أجل التحرر من العبودية. ولعل كتاب (هارييت ستو ) الموسوم (كوخ العم توم) عن عذاب الرقيق يجسد جزء من تلك المعاناة الإنسانية. وبمناسبة اليوم العالمي لمناهضة تجارة الرقيق .. نأمل أنَّ يتم الاعتذار عن تلك الانتهاكات الإنسانية وتعويض الدول المتضررة من تلك المآسي.وذلك بإقامة المشروعات التنموية لتلك البلدان ودعم ومساندة الإنسان الإفريقي من أجل الحرية والعدل والمساواة والكرامة الإنسانية.