شرعت مجموعة من المنظمات غير الحكومية الفرنسية والدولية في حملة تهدف إلى حث القضاء الفرنسي على إقرار حق أحفاد أشخاص تعرضوا للاستعباد في الحصول على تعويضات مادية جراء هذه الظاهرة. وفي هذا الإطار نظم بعد ظهر أمس الأول الثلاثاء "مجلس جمعيات السود" الفرنسية غير الحكومية في باريس مؤتمرا صحافيا أكد خلاله أنه سيدعم مطالب فرنسيين كان أجدادهم قد استهدفوا للاستعباد من قبل أطراف فرنسية لتقديم دعاوى قضائية لحمل الدولة الفرنسية على الاعتراف بحقهم في تعويضات مادية عن الأضرار التي طالت أسرهم بسبب تجارة الرق. ومن بين الفرنسيين الذين تقدموا بمثل هذه الشكاوى مواطنة تدعى "روزيتا ديستيفيل" وهي من جزر " جوادلوب " الفرنسية الواقعة في منطقة الكاريبي علما بأن هذه المنطقة كانت في الوقت ذاته محطة هامة وممرا أساسيا من محطات تجارة الرق انطلاقا من القارة الأفريقية باتجاه القارة الأمريكية. وقد استظهرت هذه المرأة بشهادات تثبت أن جد جدها عتق من العبودية عام 1837 ولما يزل في الثالثة عشرة من عمره. وفي السياق ذاته أشرفت أمس الأول شبكة "الحركة العالمية للتعويضات" عن الأضرار الناتجة عن تجارة الرق بمقاطعة " مارتينيك الفرنسية" القريبة من جزر "جوادلوب" تظاهرة تعرضت فيها إلى حالات أشخاص كثيرين تقدموا بدورهم بشكاوى قضائية في الغرض ذاته. وأبرز المشاركون في هذه التظاهرة وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في باريس حول الموضوع ذاته خيبة أملهم تجاه الموقف الرسمي الحالي من القضية لاسيما بعد أن التزم رئيس الوزراء الفرنسي الحالي جان جاك إيرولت قبل أشهر بضرورة إعداد أرضية قانونية تسمح فعلا للمنحدرين من أسر استهدفت لتجارة الرق بالحصول على بعض الحقوق والتعويضات بسبب هذه الفترة الحالكة في التاريخ الفرنسي. ولكن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند شدد خلال زيارة في شهر أكتوبر الماضي إلى جزيرة غوريه الواقعة قرب العاصمة السنغالية على ضرورة الاكتفاء بإقرار حق ضحايا العبودية وأسرهم وأحفادهم من الناحية الأخلاقية مضيفا يقول في ما يخص مطالب القارة الأفريقية بهذا الخصوص: "على أفريقيا أن تتطلع إلى المستقبل لا أن تعود إلى الوراء". وتجدر الإشارة إلى أن هذه الجزيرة كانت المركز الأساسي لتجارة الرق انطلاقا من السواحل الأفريقية من القرن الخامس عشر إلى القرن التاسع عشر. وترغب المنظمات غير الحكومية في حث القضاء الفرنسي على مطالبة الدولة الفرنسية بمراجعة موقفها من المسألة انطلاقا من نصين أساسيين قانونين هما مرسوم إلغاء العبودية في فرنسا ونص قانون تجريم العبودية. أما النص الأول فقد تم إقراره عام 1848. وما يشد الانتباه فيه بشكل خاص أنه يقر حق الذين شاركوا في الاستعباد وورثتهم في تعويضات من الدولة الفرنسية بسبب قرار إلغاء الرق ولكنه يستثني الضحايا وأسرهم وورثتهم من هذا الحق بسبب الرق. أما النص الآخر فهو نص قانون أقر عام ألفين وواحد وينص على أن "العبودية" جريمة ضد الإنسانية. وكانت السيدة كريستيان توبيرا وزيرة العدل في الحكومة الحالية وراء سن هذا القانون. وهي تنحدر من أسرة تعرضت للاستعباد قبل إلغاء الرق في القرن التاسع عشر وتنحدر من مقاطعة "غويانا" الفرنسية الواقعة قرب البرازيل.