كانت تجارة الرقيق عبر الأطلسي أمرا فريدا في تاريخ الرق ويرجع ذلك لطول أمدها الذي امتد إلى 400 عام، وإلى حجمها الذي شمل قرابة 17 مليون شخص بخلاف أولئك الذين لقوا حتفهم أثناء نقلهم في رحلة المتاعب والمعاناة الإنسانية عبر البحار والمحيطات.. وشكلت تجارة الرقيق عبر الأطلسي أكبر عملية ترحيل قسري في التاريخ الإنساني شملت مناطق وقارات متعددة: أفريقيا وأمريكا الشمالية والجنوبية، وأوروبا. وعلى الرغم من الألم الذي سيسببه كشف الحقائق الخفية، إلا أنه لا بد من الاستمرار في هذا العمل، لتجاوز أخطاء الماضي.. كما أن هناك ضغوطا كبيرة من قبل الجمعيات والمنظمات الإنسانية العاملة في مجال مكافحة العنصرية والعديد من المثقفين والمفكرين، لمطالبة الغرب بالاعتراف بأخطائه وتصحيحها. وحيث ظهرت صفحات منسية من تاريخ أوروبا وأمريكا، وأفصحت عن مدى المعاناة التي تسببت فيها لأبناء القارة السمراء على مدى قرون طويلة، وتركت آثارها حتى الآن، فإنه لا بد أن تتحمل الدول التي مارست تلك الجريمة البشعة مسؤوليتها المعنوية والأدبية، وذلك بالاعتذار والاعتراف بتلك المأساة الإنسانية.. وسداد تعويضات مالية عن تلك الحقبة المظلمة، ومن أفضل سبل توجيه تلك التعويضات دعم شعوب إفريقيا للخروج من دوامة الفقر والمرض والعنف والجهل، من خلال إقامة المشاريع التنموية لتلك البلدان ودعم ومساندة الإنسان الإفريقي من أجل الحرية والعدل والمساواة والكرامة الإنسانية.. وفي 25 مارس 2007 أحيت الأممالمتحدة ذكرى مرور مائتي عام على القضاء على تجارة الرقيق عبر الأطلسي.. وإدراكا منها للأثر الدائم للرق في العالم الحديث، اعترفت الدول الأعضاء بأن الرق كان في قلب «التفاوت الاجتماعي والاقتصادي العميق والكراهية والتعصب والعنصرية والتحيز والإقصاء والتمييز، والتي لازالت تؤثر في الأشخاص ذوي الأصل الإفريقي حتى عصرنا الراهن». وذلك تخليدا لذكرى أولئك الذين قضوا نحبهم من جراء التعرض لأهوال الرق.. والنضال من أجل التحرر من العبودية.. ولعل كتاب «كوخ العم توم» لهارييت ستو.. عن عذاب الرقيق.. يجسد جزءا من تلك المعاناة الإنسانية. * مستشار للتنمية الإنسانية.