مع أننا نعيش الآن في القرن الواحد والعشرين، إلاّ أنه و للأسف ما زالت المعركة بين الرأي و الرأي الآخر مستمرة، بل وحامية الوطيس! وما زلنا نصطدم بأصحاب القاعدة العدائية، والتي تقول: «إن لم تكن معي، فأنت ضدّي»! ولابدّ أن نعترف بعقدة تقبّل النقد أو الرأي المخالف و المعاكس لرأينا. فيكفي أن توجّه انتقاداً لرأي أو فكرة أو موقف لأحد أصدقائك أو أقربائك، فتجده وقد تغيّر 360 درجة، بل و تحوّل من حملٍ وديع، إلى وحشٍ كاسر، وقد يوجّه لك سيلاً من الاتهامات الشخصية، وربما يصل به الأمر إلى وصفك بالانحراف الفكري، وفي لحظات يبني جسراً مانعاً بينك وبينه، ويضع خطّاً أحمراً عريضاً، وذلك لمجرّد أنك تجرّأت ووجّهت له الانتقاد، وخالفت رأيه، مع أنك لم تقم بأي تجريح شخصي لذاته! وبعد هذا كلّه لن يشفع لك أي أسلوب من الأساليب الأدبية أو الدبلوماسية لعرض انتقادك بكل موضوعية ومنطقية. وهنا يكون السؤال: ما الحل؟ وكيف نصل إلى مرحلة تقبّل واحترام الرأي الآخر، والذي يختلف مع رأينا؟ في البداية علينا أن نؤمن و نقبل بالتعددية كمبدأ إلهي، قال تعالى: (إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا)، كما قال تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعة و منهاجاً و لو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) ثمّ علينا أن نبتعد عن (التحجّر) في الآراء والأفكار، والإصرار على صحتها، سواء أكانت آراءنا نحن التي صغناها بأنفسنا، اعتماداً على معلوماتنا أو تجاربنا، أم كانت آراءً قرأناها لقادة أو علماء أو مفكرين. أخيراً، العمل على غرس الشعور بالقابلية للتعلّم ممن نحاورهم، سواء أكانوا متفقين مع آرائنا أو مخالفين لها. يقول الإمام الشافعي: «ما حججت أحداً إلا تمنّيت أن يظهر الله الحق على لسانه» لذا يتوجّب علينا أثناء الحوار أن نتعلّم ونأخذ ما يفيدنا ممن نحاورهم مهما اختلفنا معهم، ولا نجعل غرضنا فقط هو إثبات صحّة آرائنا. و لعلّي أختم حديثي حول هذا الموضوع بالتوجيه إلى الالتزام بآداب الحوار، والتي تتمثّل في: احترام الشخص الآخر، وعدم مصادرة الرأي أو الخروج عن إطار موضوع الحوار، والالتزام بالهدوء والدقة في الرد والنقد، وعدم المبالغة، والابتعاد عن الغضب، والتقيّد بالموضوعية.