تمتد الحدود السعودية البرية والبحرية لأكثر من ثمانية آلاف كم وضبط هذه المسافة القارية يعد مهمة صعبة قياساً بالظروف الجغرافية والمناخية والتضاريس وتشابك التجمعات السكانية في بعض المناطق ومن الطبيعي أن تتشكل عبر هذه الحدود ممرات للتهريب والتسلل غير المشروع نظراً للحالة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها هذه البلاد، ويقوم حرس الحدود الذي يحتفل هذه الأيام بمرور مائة عام على تأسيسه بجهود شاقة ومضنية لضبط هذه الحدود الطويلة وتظهر النتيجة في إنجازاته بالأرقام التي يتم الكشف عنها، ففي منطقة جازان وحدها يضبط أكثر من مائة ألف متسلل من الباحثين عن عمل والمتسولين والمطلوبين جنائياً وقبله أعلن عن ضبط حوالي 24 ألف متسلل خلال شهر، وهذه الأرقام مخيفة ومقلقة وتعكس حجم التسلل وحجم العبء على حرس الحدود إذا أخذنا في الاعتبار عدد الذين تسللوا فعلاً وانتشروا في أرجاء البلاد وبالتأكيد عددهم ليس قليلاً ونشاهدهم في كل مكان لأن من طبيعة الأمور أن رجال حرس الحدود ليسوا شمساً شارقة على كل متر بامتداد الحدود، والمراكز ليست جميعها بنفس الكفاءة في الأداء. إن حرس الحدود يضبطون نحو 800 متسلل يومياً ولو تسرب نصف هذا العدد لامتلأت البلاد من المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل، والخطير في الأمر أن هؤلاء المتسللين والمتسولين والمطلوبين جنائياً يجدون بيئة قابلة بتشغيلهم وتحويلهم من طالبي عمل إلى أصحاب عمل، وكلنا نرى رأي العين في كل شارع وحي أعداداً كبيرة منهم يعملون بصورة مخالفة، ونراهم بعد فترة وقد أصبحوا ملاكاً للأعمال التي يقومون بها، كما أن الشركات والمؤسسات حتى العملاقة منها تقوم بتشغيلهم دون تردد أو خوف من العقوبات والجزاءات، وهم بذلك يفرغون مشروع نطاقات من مضمونه، وما تقوم به فرق الجوازات من ضبط بعض المخالفين أثره محدود جداً ومع ذلك امتلأت إدارات الترحيل بهم بما يشكله ذلك من عبء مالي وإداري ومشكلات متعددة، ولذلك يجب أن لا نترك حرس الحدود والجوازات بمفردهم ونترك المؤسسات والشركات تعبث في أنظمة السعودة ومكافحة البطالة باختراقاتها التي تتم بقلوب مطمئنة أو ترك المتسللين يسرحون ويمرحون بما يسبب ذلك من مشكلات أمنية واقتصادية واجتماعية، ولابد من وجود منظومة كاملة للحد من التسلل وحملة وطنية لتحمل كل إدارة وفرد مسؤولياتها البديهية.