فهد بن حجيلان الخمعلي ليلة كاملة ظللت أقاوم فيها الأرق، لم أستطع فيها وقف الدمع الثخين المنهمر على أرواح الأطهار الأبرياء الذين ذبحوا بدم بارد في بلدة الحولة التي ألحقتها عصابات السفاح «نشار» بخرائب وأطلال المدائن التي كنا نسمع عنها في غرائب الآثار. إن مشهد أطفال قرية الحولة والسكين تجول على خدودهم المضيئة وأعناقهم مفصولة وغيرها من المشاهد التي أبدعتها الهولاكوية المتوحشة التي ابتلى الله بها أرض سوريا ذات التاريخ والحضارة العريقة. إن الوحشية والبربرية التي تقود آلة القتل المنظم ومن التتار الجدد المتسلطين على رقاب أهلنا في سوريا تبعث على التساؤل الذي يفرض نفسه على الضمير الإنساني العالمي، كما ردد الثوار الأشراف، كم من القتلى يكفي حتى يضع العالم حدا لهذا السفاح وعصابته المجرمة؟ التي من الواضح إنها أضحت لا تبالي أن تحكم على أشلاء وجثث أمتها السورية الصامدة حتى وإن كان هؤلاء أطفال دون العاشرة ينحرون كما تنحر الحملان الوديعة في ليلة عرس أسود قوامه الأشباح والوطاويط وحثالة الخلق. وحسبنا الله ونعم الوكيل. إن العالم الذي يقف منكسراً ومنخذلاً أمام الابتزاز الروسي الصيني لن يغفر التاريخ له هذا الخور، الذي يجعل كل يوم يمر على الشعب السوري الصامد المجاهد والأمة العربية والإسلامية جميعها من خلفه والعالم الحر الذي بدأ يفقد مصداقيته والشرعية التي كان يتغطى بها في الوصول إلى سلام وأمن عالميين، إن مجلس الأمن الدولي الذي وصف الأسبوع الماضي قرية «أبيي» السودانية، بأن الوضع فيها مهدد للأمن والسلام العالميين، وهي تنام في هدوء، يقف عاجزاً أمام دموع الأطفال اليتامى وصيحات النساء الثكالى والأرامل الناعبات، بعد ثلاثة عشر ألف قتيل، وعشرات الآلاف من الجرحى، وقبل أن يفيق الناس من صدماتهم تفاجئهم ويالها من مفاجأة – عصابة «نشار» بذبح الأطفال والقصر في مشهد تتقطع له القلوب وتختلط فيه الضلوع من الهول والفزع. إن الأمة العربية بشعوبها وحكامها وقياداتها الاجتماعية والدينية يجب ألا تكتفي بهذا الصمت العاجز وأن تغادر محطة السلبية واليأس التي وضعت نفسها فيها، وأن تتحرك حتى تجعل من هؤلاء عبرة لكل من يخشى عصابة المجرم نشار. شكرا لكم فقد وحدتم «الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة» إن رسالة الأمة العربية التي يتاجر بها هؤلاء الأفاكون المرتعشة أياديهم ليست من تاريخ العرب ولا المسلمين في شيء، فلم يقع في كل غزوات العرب ولا المسلمين أن يذبح الأطفال وتبقر بطون النساء وغيرها من المشاهد المحزنة التي يتفطر منها القلب أولا على الذين انعدمت عندهم المروءة والإنسانية واقترفتها أياديهم قبل أن تكون على الضحايا الأبرياء العزل الذين يقولون (ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا). اللهم تقبل شهداء الثورة في سوريا واجمع كلمة أهلها على الحق والخير وأَرِنَا في هؤلاء الظلمة ومن والاهم أياما كأيام عاد وثمود، وعلى الثوار التيقن من النصر لأن من يصل به الانحطاط إلى ذبح الأطفال فهو في درجة من الخوف لا يبقى بعدها له مع النصر سهم إلا إن كان للشيطان في الجنة حظ.