الدمام – سحر أبوشاهين, أحمد آل منصور نقل عقد مقاولة من شركة إلى أخرى يرمي 17 مواطنة في الشارع خريجة كيمياء رضيت بإدخال البيانات وصافي راتبها 965 ريالاً نسرين نسيت شهادة «الأحياء الدقيقة» لأنها «عاملة».. ومع ذلك فُصلت ندى عملت في الخياطة والحنّاء.. وهربت من البطالة بعد البكالوريوس شركة سراكو تطالب «الصحة» بإيجاد وظائف للمفصولات.. والوزارة ترفض التعليق مكتب العمل: «سراكو» ملزمة بنقلهنّ إلى عمل آخر أو إنهاء عقودهنّ بمستحقات كاملة تسبّب نقل عقد مقاولة من شركة «سراكو» إلى شركة «إيمانكو» في فقد 17 موظفة سعودية وظائفهنّ المتدنية أصلاً. ووجدت 17 موظفة سعودية أنفسهنّ في الشارع بعد سنواتٍ عمل أمضينها في الشركة المتعاقدة مع المديرية العامة للشؤون الصحية في المنطقة الشرقية التي رفضت التعليق على ما حدث. السعوديات ال 17 لجأن إلى «الشرق»، وحضر ستٌّ منهنّ إلى مبنى الصحيفة، كاشفات عن سلسلة من الشكاوى المتراكمة، وناشدن الجهات المسؤولة سرعة التدخل لإنقاذهنّ من البطالة والحاجة المادية الماسّة. جامعيات ب 1500 ريال وكشفت المواطنات المتضررات عن مفاجأة لافتة بحمل كلّ منهنّ مؤهلاً دراسياً أعلى بكثير من الوظائف التي يشغلنها، حيث تحمل بعضهن شهادة البكالوريوس في الكيمياء والأحياء واللغة العربية والتاريخ، في حين تحمل أخريات منهنّ دبلومات فوق الثانوية. وعلى الرغم من ذلك؛ فإن أعلاهنّ راتباً تتقاضى 1500 ريال فقط في الشهر. وذكرن أن هذا المبلغ يمثّل إجمالي الراتب الشهري المكوّن من راتب أساسي فقط دون أي بدلات، فضلاً عن اقتطاع نسبة ال 9% منه، ليصل صافي الراتب إلى 1365 ريالاً فقط. وتعمل الموظفات جميعهنّ في المختبر الإقليمي وبنك الدم بالدمام، ويشغلن وظائف في الشركة المنتهي عقدها «عاملات نظافة» لكن وظائفهنّ الفعلية تتراوح ما بين مدخلات بيانات وسكرتارية. لكن المحصّلة هي أنهنّ فقد وظائفهنّ دون سابق إنذار. خريجة كيمياء وقالت خريجة الكيمياء العامة من جامعة الملك سعود غدير حسن وهي متزوجة إنها التحقت بشركة «سراكو» منذ ستة أعوام ونصف، وخلال السنوات الثلاث الأولى كان مسماها الوظيفي «مدخلة بيانات»، وبعد ذلك تم تغييره ليصبح «عاملة نظافة»، وعلى الرغم من أن ذلك سبب لها حرجاً لكونها تحمل مؤهلاً جامعياً؛ فإنها قبلت العمل بدافع الحاجة. وأضافت: في السنوات الأولى تقاضيت راتباً إجمالياً قدره ألف ريال فقط، ثم زيد إلى 1500 ريال. لكن هذا المبلغ تُقتطع منه نسبة التأمينات الاجتماعية ليصبح الصافي 1365 ريالاً. وتدفع منه 400 ريال للسائق الذي ينقلها بين المنزل والعمل، ليكون صافي ما تتصرف به 965 ريالاً لا غير. وتقول غدير «رغم ذلك قبلت بالراتب المتدني، وتمسكت بوظيفتي المتواضعة، لأنني في حاجة إلى دخل مادي يساند أسرتي». أحياء دقيقة ومثلها زميلتها نسرين عليوات، وهي خريجة أحياء دقيقة من جامعة الملك سعود عام 1426، وتحمل فوق ذلك شهادات دورات في الحاسب الآلي واللغة الإنجليزية. وأوضحت نسرين أنها أصيبت بخيبة كبيرة حين طلبت الشركة منها ومن زميلاتها التوقيع على أوراق استقالة. وأضافت أنها وزميلاتها رفضن الاستقالة وأصررن على الرفض، لتقدم لهنّ الشركة عرضاً آخر هو «إخلاء طرف». وقالت إنها عملت مع الشركة عامين و نصف العام، و قبلت بالعمل بمسمى «عاملة» لعدم وجود خيار آخر لديها، إذ لا تريد الجلوس في المنزل دون عمل، خاصة أن لها تجربة عمل سابقة في مصنع تمّ إغلاقه وتسريح العاملين فيه. لغة عربية أما زميلتهما ندى العسكري فهي خريجة لغة عربية عام 1421ه». وتقول إنها منذ تخرجها بحثت عن فرصة عمل لكنها لم توفق. وحسب قولها؛ فإنها رفضت البطالة وبدأت أنشطة عمل صغيرة لتؤمن لنفسها دخلاً كريماً، مثل إعطاء الدروس الخصوصية والخياطة والتزيين بالحناء. ثم انضمت إلى شركة «سراكو» قبل تسعة أعوام متقبّلة العائد المالي الضعيف جداً، تحت ضغط الحاجة. ومنذ تعيينها حتى الآن تغيّرت حياتها، فتزوجت وأنجبت ثلاثة أبناء، وقنعت بالراتب الضئيل لأنه يحميها من ذلّ السؤال، على الرغم من ابتلائها في أحد أبنائها الذي أصيب بسرطان الدم. بكالوريوس تاريخ خريجة التاريخ فاطمة نعمة متزوجة و ليس لها أولاد، وتؤكد أن وظيفتها لا تتناسب ومؤهلها الجامعي. لكن «البطالة أسوأ»، على حدّ تعبيرها. وبقيت طيلة سنوات عملها على أمل أن تتحوّل إلى موظفة في الشؤون الصحية، لكنها بقيت على ملاك شركة سراكو بالراتب الصغير حتى صُعقت بخبر الاستغناء عنها هي وزميلات أخريات. وتشكو فاطمة واقعها وواقع زميلاتها «المزري»، فجميعهنّ أنهين دراستهنّ الجامعية وتوقعن الحصول على ما يعادل اجتهادهنّ، وحاولت أكثرهن الحصول على وظائف تعليمية أو مكتبية أو أية وظيفة معقولة، ولكنّ حظهنّ أوقعهنّ في وظائف متدنية ورواتب لا يمكن وصفها إلا بأنها «مصروف» جيب. ثانوية عامة هناء علي أمضت في العمل لدى الشركة أكثر من ست سنوات، وقد التحقت بها بناءً على حملها الثانوية العامة. وقد قبلت بالواقع، لكن الواقع لم يقبل بها، على حدّ تعبيرها. فبعد سنوات العمل الطويلة صُدمت بقرار الاستغناء عنها. وحين كشفت عما يمثله الراتب لها من أهمية في مساندة أسرتها عُرض عليها عمل مماثل ولكن في محافظة النعيرية براتب ثلاثة آلاف ريال. وهي ترى أن راتباً ب 1365 ريالاً في الدمام يُعتبر أفضل بكثير من راتب ثلاثة آلاف في موقع يبعد عن مقرّ سكنها بأكثر من مائتي كيلو متر، فهذا يعني أنها سوف تضطرّ إلى السكن في النعيرية وتزور أسرتها في الإجازة الأسبوعية فقط. وفي كل الأحوال؛ لا يمثل ذلك عرضاً مقبولاً لامرأة متزوجة تساعد زوجها في تسديد الإيجارات والفواتير. قصص مكررة والقصة تتكرر مع خديجة علي التي تعمل في سراكو منذ ثلاثة أعوام و نصف العام. وتقول خديجة إنها تعاني مشكلة في فقرات الظهر جعلها تطلب نقلاً من عملها في مركز البابطين للقلب إلى المختبر الإقليمي و بنك الدم حيث كانت تعمل كمساعدة صحية وبمسمى وظيفي رسمي «عاملة نظافة». لا وظائف لدينا تشابهت القصص والنهايات في قصص الموظفات ال 17. ولذلك خاطبت «الشرق» الشركة وأوضح مدير الشؤون الإدارية في شركة «سراكو» جمعان الزهراني الذي قال إن «الشركة تتعاقد لتنفيذ مشاريع حكومية و توفر اليد العاملة بحسب حاجة تلك المشاريع، وبعد انتهاء العقد يتمّ تسفير الموظفين غير السعوديين إلى بلادهم، ويتم تحويل السعوديين للعمل في مشاريع أخرى ينفذونها في جهات أخرى». وأضاف «انتهى عقدنا مع الشؤون الصحية وليس لدينا في كل الدمام سوى عقد واحد في مستشفى الولادة والأطفال ولا توجد به حتى الآن وظائف شاغرة، وأكثر من 95% من الموظفين الذين كانوا يعملون معنا في مستشفيات حكومية في الدمام، تعاقدت معهم الشركة المشغلة الجديدة «إيمانكو» وعددهم يقارب المائتي موظف، أما من لم يتم التعاقد معه، فذلك لأن الشؤون الصحية استغنت عنهم وليست بحاجة لهم». وأضاف «واجب الشؤون الصحية إيجاد وظائف لهم»، مشيراً إلى أن جميع الموظفين المنتهي تعاقدهم مع سراكو حصلوا على كامل مستحقاتهم التي كفلها نظام العمل». وأكد أن «الشركة عرضت على الموظفات الانتقال للعمل في مشاريع الشركة في الجبيل والنعيرية ولكنهن رفضن بسبب بُعد المسافة». الصحة صامتة ولأن شركة «سراكو» حمّلت الشؤون الصحية مسؤولية إيجاد وظائف للمستغنى عنهنّ؛ فقد حاولت «الشرق» الحصول على إيضاح من المديرية، لكنّ جميع الاتصالات التي تمّت مع مدير العلاقات العامة فيها طارق الغامدي لم تُسفر عن نتيجة، ولم يتمّ الردّ على الرغم من أن الاتصالات بدأت منذ وسط الأسبوع الماضي. رأي قانوني المحامي خضران الزهراني وعن الرأي القانوني أوضح المحامي أحمد الشريف من مكتب «المحامون المتحدون في جدة « أن بإمكان المتضررين التقدم كمجموعة بشكوى ما سيجعلها أكثر تأثيراً و ضغطاً من الشكوى الفردية. ونصح الشريف الموظفات بالتسجيل فوراً في برنامج حافز حتى يؤمن لهن مكتب العمل وظائف. ونوّه بأن الوضع القانوي لجميع الجهات سليم تماماً فالشؤون الصحية غير ملزمة بتوظيف من لا تحتاجه، كما أن لشركة سراكو الحق في تحويلهن للعمل في مشاريع أخرى مالم يكن العقد الذي يجدد سنويا قد انتهى، أما إذا كان قد انتهى فليس لهنّ إلا مستحقاتهن الوظيفية. أما المحامي خضران الزهراني» فيقول إن الحد الأدنى لرواتب السعوديين ما زال محل خلاف ودراسة، حيث قدم مجلس الشورى اقتراحاً بذلك ورفضته وزارة العمل وأعادته للمجلس، ليحيله بدوره للجنة الخبراء لدراسته». لكن الزهراني قال إن عقد العمل يتم بالتراضي بين الطرفين. مكتب العمل يوضح في جانب مقابل يؤكد رئيس قسم الدعاوى في مكتب العمل بالدمام فهد الفياض أن الشركة الجديدة المتعاقدة على تنفيذ مشاريع للشؤون الصحية «إيمانكو» غير ملزمة بتوظيف جميع من كانوا متعاقدين مع الشركة المشغلة السابقة «سراكو»، مضيفا» يجب على «سراكو» تحويلهن للعمل في مشاريع أخرى، تابعة لها وإذا لم يكن لديهم مشاريع فإن عليها أن تعطي موظفيها جميع حقوقهم، حيث يكون وضع المتضررات وضع «إنهاء تعاقد» وليس الاستقالة، بحيث يُمنحن مكافأة نهاية الخدمة لمن عملن مابين عام إلى خمسة أعوام راتب 15 يوماً عن كل عام، ومن عملن ستة أعوام فأكثر يمنحن ما يعادل راتب شهر عن كل عام، منوها إلى أن توقيعهن على استقالة مخالف لنظام العمل ويهدف إلى عدم إعطائهن حقوقهن كاملة. مؤهلات خارج الخدمة