صالح صبحان البشري لم يخرج أحدنا من بطن أمه وهو يحمل في يده شهادة براءة من ارتكاب الخطأ، ولم نأت للدنيا نحمل حصانة لأنفسنا من الوقوع في الأخطاء، وهذا حال مستمر، مهما تغيَّر الزمن، أو ازداد الوعي. لكن الواقع نلاحظ أنّ المسؤول حينما يخطئ لا يشعر بذلك، ليس لأنه في برجه العاجي، أو لا يقرأ ما يقع خلفه من مشاكل وإنما لأنه لا يعترف بخطئه الظاهر، ويتقن أساليب الاعتذار، والحلول المؤجلة. والموظف لا يعتبر نفسه في خانة المخطئين ليس لأنه فقط يتصفح الصحف ويحلل الأخبار ويتابع الأحداث ويقضي أموره الشخصية أثناء دوامه الرسمي، وإنما لأنه يراكم المعاملات ويسعى للتأخير لغياب القانون الذي يحكمه والعقاب الذي ينتظره والمدير أو الرئيس الذي لا تتجاوز هموم عمله مكتبه الوثير، فهل مررتم بمدير إدارة يتابع سير العمل ويراقب الموظفين بنفسه؟ إنهم قليلون!وربُّ الأسرة وربُّة الأسرة بعيدان كل البعد عن أبنائهما لكنهما مشغولان بولادة الجديد من الأبناء في غياب وتجاهل من هُم بين أيديهما من أبناء. والقائمة تطول، فما أكثر من يخطئ في حقّه و في حقّ غيره.إن الملاحظ والمتابع لأخطائنا يجدها في تكرار متزايد دون أن يكون لها تغير أو تصحيح! نريد فقط وقفة تأمل وملاحظة لا وقفة محاسبة وعتاب، لنعرف ما يبرر تمادينا في الأخطاء وعدم الاكتراث بالعواقب ومدى تأثر الآخرين بها لأننا نعتبرتصرفاتنا صحيحة وسليمة، بل ونزكي أنفسنا، أو نسامح أنفسنا بعبارات مفرطة في الاستعمال مثلاّ (جلَّ من لا يخطئ) أو (لا أحد معصوم من الخطأ) وغيرها مما نبرر به أخطاءنا.نحن لا نقول إنّ (الكل) متورط في الخطأ، ولكن هذا (البعض) الذي هو جزء من الكل، ولو لم تكن دائرة الخطأ موجودة ومعترفاً بها، لتساوينا في درجة الصواب، وما شُرع الخطأ بيننا إلا للتعلّم منه وليس لنكابر ونصر على أننا لا نخطئ كما يفعل البعض منا، فمتى نتعلم من أخطائنا ونتعرّف على المنهج السليم والطريق الصحيح ؟!