حين تستهلك السعودية ربع إنتاجها النفطي، أي ما يعادل 2.5 مليون برميل، فهذا رقم كبير، والتعلل بحرارة الجو في السعودية التي لا تقتصر على فصل الصيف فقط وإنما تمتد إلى نحو ثمانية أشهر غير منطقي، فنحن لسنا الدولة الوحيدة في العالم التي تعيش مناخاً صحراوياً، فهناك دول صحراوية غير منتجة للبترول، ونحن عشنا في هذه الأجواء سنوات طوالاً بدون كهرباء قبل اكتشاف النفط وبعده، ولنتخيل كم سننفق على شراء البترول واستيراده لو لم نكن دولة نفطية، فلو حسبنا ما سننفقه وفق السعر العادل لبرميل النفط لا سعر السوق المتأرجح صعوداً وهبوطاً لبلغ مائتي مليون دولار يومياً أي ما يعادل 750 مليون ريال كل يوم، ولاحتجنا أن ندفع سنوياً لقاء استيراد البترول الخام فقط 273 ملياراً و750 مليون ريال، عدا تكاليف التكرير والتصنيع وبقية المصروفات، وبحسب التقديرات فإن استهلاكنا سيرتفع إلى %70 من إنتاجنا الحالي للنفط، أي ما يعادل سبعة ملايين برميل يومياً، وبالسعر الحالي العادل نستهلك ما قيمته 766.5 مليار ريال كل عام. لكن مع كل هذه الأرقام الفلكية المخيفة نتساءل دوماً: ما هو البديل؟ فنحن لا نستطيع أن نقنع الناس بترشيد استهلاك البنزين والمشي على أرجلهم عشرات الكيلومترات كل يوم تحت أشعة الشمس اللاهبة، ولا إغلاق المكيفات في المكعبات الإسمنتية المحشورين فيها، ولن تتحول المصانع في القريب العاجل من الكهرباء إلى الطاقة النووية والشمسية، وفي رأيي المتواضع فإن الذي وضع تقدير استهلاكنا للبترول عام 2030 هو شخص جاهل أو حاقد حاسد مغرض أو متشائم يدعو إلى ثقافة الإحباط، لأنه يفترض أننا سنكون على وضعنا الحالي بعد 18 عاماً، ولن تكون هناك شبكة مواصلات عامة ذكية داخل المدن ومترو أنفاق تحت الأرض وشبكة قطارات سريعة تربط جميع مدننا، وشبكة غاز ممتدة في جميع منازلنا للتدفئة والتبريد والطبخ، ومصانع تعمل بالغاز الطبيعي والطاقة الشمسية والنووية، والناس يكتفون بسيارة واحدة لكل عائلة واقفة أغلب الأوقات لأنهم يستخدمون وسائل النقل العام.