توقع خبير اقتصادي سعودي أن يصل الحجم الحقيقي للحوالات المالية الأجنبية إلى ما يزيد على 100 مليار ريال بنهاية 2011 بنسبة نمو سنوية تصل ما بين 810 %، مؤكدا على أن هذه الأرقام تشير فقط إلى ما هو معلن بيد أن هناك فارقا بين المعلن والتحويلات الحقيقية كون جزء من هذه التحويلات لا يتم عبر القنوات الرسمية كالمصارف والمؤسسات المالية. وأبان الخبير الاقتصادي فضل البوعينين ل«شمس» أن هناك نموا مطردا لحجم التحويلات المالية الخارجية، وهذا النمو أمره طبيعي فيما يتعلق بزيادة حجم العمالة في السعودية، علاوة على زيادة المشاريع إلى جانب النمو الكبير الحاصل في الاقتصاد والملاءة المالية في مشاريع الدولة وما تنفقه الدولة من أموال في هذه المشاريع. وأضاف «معظم المستفيدين من هذه المشاريع من الناحية المالية هم الأجانب الذين يسيطرون على هذه الشركات ككل، بل إن بعض الشركات يسيطر عليها مستثمرون أجانب وإن كانوا تحت أسماء مستثمرين سعوديين وهو ما يعرف بالتستر، ومن الطبيعي أن تكون المحصلة النهائية لهذه الأموال تحويلها إلى الخارج ولا يبقى منها شيء إلا ما ندر». وأكد البوعينين على «أنه في حال لم يكن هناك إجراءات رسمية فيما يتعلق بحجم العمالة وعملية التستر وشركات الاستثمار الأجنبية التي تركز على ربحيتها وليس على تنمية البلد، فمن الطبيعي أن نخسر كثيرا في استنزاف الأموال والعملات الصعبة وتحويلها للخارج وهذا يضر بالاقتصاد الوطني» لافتا إلى أن معظم أشكال الاستثمار الأجنبي على الرغم من وجود استثمارات ضخمة حددتها هيئة الاستثمار ب500 مليار ريال تم استثمارها إلا أن كثيرا من هذه الاستثمارات إنما تمت بمشاركات مباشرة من شركات سعودية، ولا علاقة لها بهيئة الاستثمار كالشراكات التي تعقدها شركة سابك وأرامكو مشيرا إلى أن هذه الاستثمارات تعد تحديا مما تستفيد منها البلد؛ لأن المحرك الحقيقي لها هي شركات وطنية من الأساس تنظر إلى المصلحة في إنشاء مشاريع إنتاجية معينة وتعقد شراكات عالمية تفيد الوطن من خلال تنمية الموارد وخلق الوظائف للسعوديين بيد أن الاستثمار الأجنبي المباشر الذي دخل حديثا فهو استثمار ليس له مردود حقيقي على البلد، وإن تم الحديث عن مليارات من الريالات، حيث لم يلمس خلق للوظائف أو تنمية حقيقية في قطاعات الإنتاج أو القطاعات التي تحتاج إليها البلد. وشدد البوعينين على أهمية أن يكون هناك توجيه للاستثمار الأجنبي لا أن يفتح السوق على مصراعيه للجميع، لا بد أن تأتي الهيئة ووزارة التخطيط وتضع خططا إلى ما يحتاج إليه البلد من مشاريع أساسية ثم تطرح هذه الفرص الاستثمارية للمستثمر الأجنبي «على سبيل المثال لدينا مشكلة في القطارات لماذا لا تكون هناك فرص للاستثمار في هذا القطاع كمترو المدن في المدن الرئيسة؟ إلى جانب ذلك لدينا مشكلة في إدارة المطارات لماذا لا تكون هناك استثمارات في المطارات؟ علاوة على مشكلات الناقل الوطني لماذا لا تكون هناك شراكة بين الخطوط السعودية وشركات طيران أجنبية؟ علاوة على مشاريع توليد الطاقة كون المملكة تواجه مشكلة في الكهرباء إلى جانب مشاريع التكرير وغيرها ما يحقق هدفين أساسيين: فتح الباب للاستثمار الأجنبي، وتحقيق التنمية وخلق الوظائف للاقتصاد الوطني «مشيرا إلى أن هذه المشاريع تحافظ على الأموال داخل الاقتصاد ولا تدفع بها إلى الخارج» ولكن إذا أتينا إلى بعض المشاريع الاستثمارية التي تقوم على تقديم خدمات معينة أو التي تقوم على نظام التستر تعمل على تحويل جميع هذه الأرباح للخارج دون أن تستثمر في مشاريع حقيقية على أرض الواقع وهذا ظلم كبير للوطن والاقتصاد» مؤكدا على وجود خلل كبير فيما يتعلق بتوجيه هذه المشاريع المرتبطة بالاستثمار الأجنبي «ولو كان لدينا توجيه لقطاعات معينة وطرح فرص استثمارية لكان أجدى للاقتصاد من فتح الباب دون رقيب أو حسيب، فالأموال المحولة ترتبط ارتباطا كليا بحجم العمالة في السوق، وهذه تقوم باستنزاف احتياطياتنا من العملات الصعبة إلى جانب استنزاف أموال الاقتصاد وتحويلها إلى الخارج دون الاستفادة منها محليا». وألمح البوعينين إلى أهمية خفض حجم العمالة والاعتماد على الوطنية أحد الحلول الرامية إلى تقليل حجم الأموال المهاجرة إلى جانب خلق أدوات استثمارية للاقتصاد الوطني يمكن من خلالها استقطاب هذه الأموال المهاجرة التي تزيد على 100 مليار ريال سنويا واستثمارها بالداخل بدل تحويلها، إلى جانب القضاء على عمليات التستر وعدم السماح لهذه الشركات التي لا تقوم على استثمار حقيقي بقدر ما تقوم به على اقتناص فرص معينة تستنزف أموال الدولة، بالإضافة إلى التركيز على فتح باب الاستثمار للمشاريع الإنتاجية الضخمة التي تحقق قيمة مضافة للاقتصاد وتخلق وظائف للمواطنين وتساهم في تنمية قطاع الإنتاج. ولفت البوعينين إلى أن هذه الأرقام مرشحة للزيادة إذا استمر الإنفاق الحكومي التوسعي والاعتماد على العمالة الأجنبية واستبعاد السعوديين من الوظائف المتاحة «والدليل أن حجم العمالة منذ عام 2007 حتى اليوم في نمو مطرد؛ لذا سوف يكون هناك نمو متسارع في حجم الأموال المحولة وهذه خسارة وطنية». وأبان البوعينين أن البعض لا يقدر حجم المشكلة من استنزاف احتياطياتنا من العملات الأجنبية بسبب هذه التحويلات «هذه الأموال تصنع اقتصاديات وليس اقتصادا، لا بد من توطينها وليس دفعها للخارج، علاوة على أن هذه الحوالات على كبر حجمها فتحت أبوابا للفساد المالي وغسيل للأموال «كثير من العمالة تمارس أنشطة محرمة ومخالفة للأنظمة غير المرخصة، ومن ثم تستطيع أن تحول هذه الأموال المتأتية من مصادر غير مشروعة للخارج من خلال البنوك المتحركة وهي قادة العمالة الأجنبية لديهم المقدرة المالية التي يستطيعون بها تحويل أموال ضخمة بعلاقاتهم مع العمالة المحلية ليحققوا أرباحا كبيرة، ويستنزفوا أموال البلد بغفلة من الرقيب» .