بعد أن كانت المساحات تُفتح والأغلفة تُفسح أمام الشاعر في الصحافة الشعبية، أصبح الآن لا يملك سوى 140 حرفاً!! هي سلاحه الذي يصطاد به ذائقة المتلقي، هذا هو الحال في (تويتر)، المساحة الصغيرة التي نسفت الساحة الكبيرة. في «تويتر» الكل سواء بلا مقدمات ولا محسّنات ولا (وساطات)، الشاعر الذكي هو من يؤمن عندما يغرّد بشيء من نتاجه في تويتر أنه بين التغريد والتجريد، وأن الذائقة التي يتعامل معها الآن هي ذائقة حرّة تختار ما تشاء وما يعجبها من الشعر وتتابعه، لكن في الإعلام الجديد وأعني «تويتر» على وجه الخصوص تستطيع أن تصل إلى الهدف بتغريدةٍ (تسديدةٍ واحدةٍ)، أو (تراوغ) بكلماتك لتتجاوز (مدافعي) الصفحات الذين قد يخلّون (بتوازن) قصيدتك ويعرّضونها (لكسر) مضاعف، وفي الإعلام الجديد أيضاً لن يستطيع أحد أن يحجب عنك ردة الفعل التي يبديها أي متابع عند قراءتك. ورغم كل ما سبق تعداده من إيجابيات إلا أن هناك سلبية قاتلة في «تويتر» وهي أن هذا العدد القليل من الأحرف استطاع أن يفسد على الشاعر بهجته بكتابة قصيدةٍ جديدةٍ، وأفقد القصيدة نكهتها الأولى حين الانتهاء منها، وهذه هي لحظة الانتصار الحقيقي التي يعيشها الشاعر في داخله. يمكنني القول بأن «تويتر» هو صحيفتك التي تُنشئها وتديرها وتختار شعراءها وكتّابها ونقّادها بنفسك، تستطيع بكبسة زر واحدة أن تستقطب من تريد، وبنفس الطريقة أيضاً تستطيع أن تستغني عمن تريد، كل شيء يمكنك فعله إلا وقت صدورها، ستجد من يكتب لك طوال اليوم بلا كلل أو ملل، ولكن من يستحق متابعتك هو من يحضر وقت ما أردته بالشيء الذي تريده دون أن تخبره بذلك. ختاماً أقول للشعراء الذين انطلقوا من موقع التواصل الاجتماعي هذا: هنيئاً لكم بأنفسكم، ليس في تجربتكم منّة ولا فضلٌ لأحدٍ بعد الله، لكن تذكروا ما نسيه الذين من قبلكم أن للشاعر محبين وليس له جمهور، الجمهور للشعر لا للشاعر.