مفردات مثل المناظرة والبرنامج الانتخابي ليست غريبة على أسماعنا أو جديدة على معلوماتنا ولكنها كانت غريبة عن ثقافتنا أو كنا نسمعها ونقرأ عنها ولكنا لم نكن نعيشها، وأحيانا نستعملها تجملا أو بصورة مغايرة، فالبرنامج الانتخابي يتردد على أسماعنا مع انتخابات المجالس البلدية ومجالس الغرف التجارية والأندية الأدبية وهي اجتهادية غير ملزمة ويغلب عليها الإنشائية والشعاراتية وعدم الواقعية بحيث تكون أقرب إلى الحلم الإنشائي منها إلى البرامج الواقعية والعملية، أما المناظرات فبعد قصة أحمد ديدات مع القس جيمي سواجارت لم نشهد إلا مباهلات أو عراكا أقرب إلى حفلة شتم وتبادل اتهامات وردح، عدا المناظرات التي كانت تتم بين مرشحي الرئاسة الأمريكية وهذه نتعامل معها كخبر هامشي وليس حدثا يستهوينا ونعيشه. المناظرة التي تمت بين مرشحي الرئاسة المصرية عبدالمنعم أبو الفتوح وعمرو موسى شدت اهتمام الكثير على امتداد العالم العربي وليس المصريين فقط على اعتبار أنها سابقة فريدة عربيا، ولا اعتبار للمناظرة التي جرت بين أحمد ولد دادة وسيد ولد الشيخ عبدالله عام 2007 لأنها كانت محصورة في موريتانيا ولم يمتد أثرها عربيا كما لم يعرفها الناس إلا بعد المناظرة المصرية، ولأول مرة يتسمر المشاهدون المصريون والعرب أمام شاشة التلفزيون وهم يستمعون إلى مرشحي الرئاسة يخاطبون الناخبين ويحاولون إقناعهم بأسلوب هادئ ومنطقي ومحدد بالأرقام مع محاولات مؤدبة للغض من قناة المرشح الآخر، وقد يرى البعض في هذه المناظرة تقليدا للغرب أو استعراضا سياسيا أو محاولة للعب على عواطف الناس وعقولهم، وجرت العادة أن المرشح عندما يفوز لا يحقق برنامجه كما وعد به لكن في المناظرة المصرية بدأنا نرى على الأقل رؤية واضحة للمرشحين وأهدافا محددة ونقاشا هادئا ووضعا لليد على المشكلات الحقيقية التي تعاني منها مصر في التعليم والصحة والجيش والاقتصاد وعلاقة الدين بالدولة واختيار المسؤولين والذمة الصحية والمالية، وما زالت الأيام القادمة حبلى بالكثير مما لم نكن نتوقعه.