أفاق اللندنيون القلقون من التقارير الاقتصادية التي تنذر بأزمة سيمرون بها خلال الأشهر القادمة، ومن إضراب للقطاع العام كله، على مقطع للفيديو وصل عدد مشاهديه بعد ساعات من تحميله على “يوتيوب” إلى ما يزيد على الثلاثة ملايين ونصف مشاهد!. إمرأة إنجليزية تحمل طفلاً وديعاً، تركب “تراماً” في جنوب شرق العاصمة لندن، وتبدأ بإلقاء شتائم عنصرية ضد الأجانب في البلاد، وبألفاظ نابية تهاجم الملونيين، والعمال القادمين من الخارج، وتطالبهم بالرحيل من البلاد. [تنويه: هذا الفيديو باللغة الإنجليزية ويحتوي على شتائم نابية وألفاظ عنصرية] البعض يرد على المرأة، ويلاحظ في الخلف فتاة بيضاء تقوم بعناق شاب داكن البشرة، خوفاً على مشاعره. وفجأة ترد امرأة بيضاء أخرى على المرأة التي تتلفظ بألفاظ عنصرية قائلة “أنا إنجليزية وأقول لك اصمتي”. في اليوم التالي خرجت الصحف البريطانية الرئيسية كلها تشير إلى الحادثة، ونقلت مواقعها الفيديو، مع خبر القبض على المرأة، وأنها ما زالت رهن التحقيق، في قضية تحولت من تصرف على رحلة “ترام”، إلى قضية رأي عام، ناقشتها وسائل الإعلام المختلفة. وعلى الرغم من أن القارة الأوروبية تشهد نوعا من العلاقة الطردية بين الأزمة الاقتصادية وتزايد النزعات العنصرية، فإنه يلاحظ، وبشكل عام، أن هناك رفض مجتمعي في بريطانيا للعنصرية، ولكن يبدو أن الأفكار القائمة على أن الأجانب يأخذون فرص العمل من “المحليين” تغذي الخطاب العنصري. وبعيداً عن الخطابات التبسيطية حول هذا النوع في العلاقة مع الآخر، كانت لندن قبلها بليلة تستضيف مهرجانها السنوي لطعام الكاري، والذي يرعاه حزب المحافظين، الحاكم بالائتلاف مع حزب الليبراليين الأحرار، وقد قالت البارونة سعيدة وارسي، وهي من قيادات الحزب، في افتتاح الحفل، كما نقل أحد الحضور للشرق الالكتروني، أن طعام الكاري يشكل نحو 3.8 مليار جنيه استرليني في السوق، وهو ما يظهر وبشكل قوي أمران أساسيان، أن الوجود الأجنبي في البلاد بات مترسخاً، عند الحديث عن الجيل الثاني والثالث من المهاجرين، وأن هذا الوجود وإن ظهر اقتصادياً، فإن تأثيره السياسي قوي وفاعل. ما بين تجربة “الترام” وحفل “الكاري”، يبدو أن المعطيات الاقتصادية- الاجتماعية، تحسم سؤال الهوية في الغرب، منذ أمد. اقتصاد | العنصرية | الكاري | لندن