يعيش عبدالله مطلق العنزي (42 عاماً) بلا هوية أو حقوق في مدينة الرياض، متزوج وله ستة أبناء فقد الأمل في تغيير حالهم إلى الأفضل. التقته «الشرق» للتعرف على معاناته، فقال «بدأت مشكلتي وأنا في سن السادسة، بعد أن توفي والدي، وهو من البدو الرحل من شمال المملكة، ولم يكن يملك قبل وفاته أي أوراق ثبوتية أو حتى هوية؛ ما دفع خالي إلى طلب صك ولاية عليّ من محكمة الأحساء، ليسجلني كشقيق له ولوالدتي، وذلك بشهادة شاهدين، ليصبح اسمي بذلك عبدالله عوض الأسود العنزي»، معتبراً ذلك إحساساً منه بالمسؤولية تجاهه، ولتسجيله في المدرسة كباقي أقرانه. وأوضح العنزي: «استخرج لي شهادة ميلاد من مستشفى الشميسي في الرياض، ولم يعلم أنه قد حول حياتي إلى سلسلة معاناة لا تنتهي، فحين بلغت السن القانوني راجعت الأحوال المدنية لاستخراج بطاقة هوية باسمي الحقيقي، ورغم وعود اللجنة المركزية لحفائظ النفوس بتعديله في فترة بسيطة، إلا أن طلبي مضى عليه 22 عاماً دون نتيجة، وكنت أراجع موظفاً في الأحوال المدنية لم يتعاون معي نهائيا طيلة تلك الأعوام، وتقدمت ضده بشكوى ولكن لم أجد أي نتيجة»، لافتاً إلى أن يأسه من تغيير وضعه دفعه إلى اللجوء لهيئة حقوق الإنسان، أملاً في أن تستطيع مساعدته، وبدورها وجهت خطاباً ل»الأحوال المدنية» للنظر في أمره، دون أن تتلقى أي رد منهم حتى هذه اللحظة. رعب يومي وإحراج ويؤكد عبدالله أن شيخ قبيلته لم ينصره ولم يساعده، وأضاف «كان لهذا الوضع ضرر بالغ على نفسيتي وحياتي، فلست مواطناً من جهة، ولا مقيما أتمتع بحقوقي الواضحة، فقط أعيش بلا هوية، إضافة إلى أن وضعي المادي ضعيف، ولا أستطيع التقدم للشؤون الاجتماعية، فليس لي الحق كوني لا أحمل جنسية سعودية»، مبيناً أنه عمل في أحد القطاعات الخاصة لمدة ثمانية أعوام، دون عقد رسمي، وبعد أن تم فصله لم يُعط أي حقوق، ويعمل الآن سائق سيارة أجرة، دون رخصة قيادة، منوها أنه يشعر برعب يومي عند مروره بنقاط التفتيش، فحين لا يجدون عنده إثباتا يضطر إلى شرح قصته، الأمر الذي تسبب له بحرج أمام الناس وأمام نفسه، إضافة إلى أنه ليس له حق العلاج في المستشفيات الحكومية، وأوضح: « أولادي أيضاً حرموا من حقوقهم، وفي كل مرة تلد فيها زوجتي أعاني الأمرين»، مضيفاً أنه عانى بشدة عند تسجيل أبنائه في المدرسة، فقد سجل بعضهم على اسم والده وبعضهم على اسم جده لوالدته. وتحدثت زوجته أم عبدالمحسن عن قلقها على مستقبل بناتها، وتساءلت: «من سيتزوج بناتي وهن بلا هوية، وبلا شيء يضمن لهن حقوقهن؟». اعتبار حسن النية واستغرب المستشار القانوني عبدالعزيز عسيري مرور طيلة هذه السنوات، دون تعديل أوراق المواطن عبدالله بشكل نظامي، وقال: «من الغريب جداً أن لا يبت في قضيته طيلة هذا الوقت، فحتى مجهول النسب – اللقيط – يعطى الجنسية السعودية، فما بالك بمن كان من عائلة معروفة وزوجته سعودية»، مبيناً أن هذه الحالة تعد انتحالاً وتزويراً، ولكن كون عبدالله كان في السادسة من عمره، فإن ذلك يقيه العقوبة، ولن تتم محاسبة إلا من زور وانتحل، مع الأخذ باعتبار حسن النية في ذلك»، وأضاف: «كان يجب على الأحوال المدنية التحقق من نسب المواطن، منذ تقدمه بالطلب قبل 22 عاماً، وعليه أن يتقدم بشكوى للمحكمة الإدارية بعدم البت في قضيته، وانتظار مرور ستين يوماً للرد، وبعد ذلك يتقدم بدعوى لديوان المظالم ليأخذ حقه». من جهته، أوضح ل»الشرق»المتحدث الرسمي باسم الأحوال المدنية محمد الجاسر، أن معاملة المواطن عبدالله تحت الإجراء وسيتم إبلاغه شخصيا عن حالة معاملته، إما بقبولها وإنهاء إجراءاتها النظامية أو برفضها قطعيا، وكان الجاسر قد أرسل رسالة SMS لمحررة «الشرق» بعد تواصل دام أكثر من أسبوعين، وذكر فيها أنه أعطى رقم هاتفه الخاص للمواطن عبدالله العنزي، ليتواصل معه شخصيا، حيث أكد الجاسر أن من حق عبدالله معرفة وضعه النهائي. صور ضوئية عن بعض الوثائق والشهادات