الدمام – نعيم تميم الحكيم جمعة : يجوز ترقيع غشاء البكارة للفتاة «لأي سبب كان» بن بيه: الجواز مشروط أن تتوب توبة نصوحا وتخبر خطيبها الزحيلي:لايجوز لمن وقعت في الخطيئة، والإباحة لمن وقع لها حادث الحكمي: الفتوى في هذه المسألة من اختصاص المجامع وليست الآراء الفردية أثارت تغريدة لرئيس لجنة التكافل الأسري في إمارة المنطقة الشرقية الدكتور غازي الشمري حول جواز رتق غشاء البكارة وإخفاء ذلك عند زواجها في حال فقدانها على الرغم منها جدلا مجتمعيا واسعا. وقال الشمري في تغريداته «الفتاة التي فقدت بكارتها على الرغم منها، كحالات «الاغتصاب، والعادة السرية، والتعرض لحوادث السقوط»، مؤكداً أنه في هذه الحالة يجوز لها إخفاء الحقيقة عن خطيبها، ولا يُعتبر ذلك غشاً؛ لأنه على الرغم منها. واسترشد الدكتور غازي الشمري بفتوى اللجنة الدائمة للإفتاء المجلد الخامس صفحة 19؛ حيث ورد للجنة سؤال من فتاة تعرضت لحادث سيارة أفقدها عذريتها، فأجابتها اللجنة: «لا مانع شرعاً من الكتمان عند الزواج، ثم إذا سألها الزوج بعد الدخول عقب اكتشافه الأمر أخبرته بالحقيقة». وأضاف الدكتور غازي الشمري أنه لا بأس من ترقيع غشاء البكارة للمغتصَبَة، لافتاً إلى تحريم ترقيع غشاء البكارة للزانية؛ لأنه تم بإرادتها ، مشيراً إلى أن هذا التصرف من باب الستر عليها أمام الناس. تغريدة الشمري أعادت للأذهان فتوى سابقة للداعية الدكتور سلمان العودة أطلقها في برنامجه «حجر الزاوية» على شاشة أم بي سي عندما أجاز إجراء الفتاة لعملية رتق غشاء البكارة حيث قال فيها :» عملية ترميم غشاء البكارة فيها خلاف بين الفقهاء، والذي أميل إليه أنه إذا وُجدت التوبة عند الفتاة، فإنه يجوز لها أن تفعل ذلك حفاظًا على نفسها، وعلى حياتها، وعلى مستقبلها؛ لأنه من النساء مَن تُقتل وأنا أعرف منظمة عالمية ذكرت أن خمسة آلاف امرأة تقتل سنويًّا بسبب هذا الأمر، أو ما يُسمّى بجرائم الشرف، وأضاف العودة : «وكثير من وسائل الإعلام الغربية تنفخ في هذا البوق، وتتكلم أن هذه هي الثقافة الإسلامية، ومن أجل غيرة الله تعالى حرّم الفواحش، ولكن مع ذلك لم يأذن الله – سبحانه وتعالى- بأن يتولّى الإنسان بنفسه تنفيذ القانون، أو المبالغة في العقوبة». وتبقى هذه القضية مثار جدل فقهي بين مؤيد لها بحجة الستر وقابل لها بضوابط حتى لا تتخذ كحيلة من قبل بعض الفتيات، ورافض لها بشكل نهائي معتبرا أنها ستتخذ وسيلة لخداع الأزواج والتدليس عليهم ودعوة لتفشي الفاحشة. الجواز المشروط د. علي جمعة وأيد مفتي مصر الدكتور علي جمعة إجراء الفتيات ترقيع غشاء البكارة للفتاة التي فقدت عذريتها «لأي سبب كان». ووافقه الرأي نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور عبدالله بن بيه بجواز الترقيع سواء فقدته في حادث أو نتيجة وقوعها في خطأ شريطة أن تتوب توبة نصوحا وتخبر خطيبها بذلك حتى لا تخدع خطيبها وتحتال عليه فتأثم بهذا التصرف، وعلل إجازته لذلك بضرورة تحسين حال الإنسان لنفسه وأن يكون في وضع لائق ظاهرا وباطنا. مشيرا إلى أن هذه العملية من التداوي التي أمر بها الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – مبينا أنها لو ارتكبت خطيئة فإنها يجوز لها أن ترقع فقط شريطة أن تخبر زوجها وتتوب توبة نصوحا من هذا الذنب. غير جائز د. وهبة الزحيلي ويرفض عضو المجامع الفقهية أستاذ الفقه وأصوله في جامعة دمشق الدكتور وهبة الزحيلي إجراء العملية لمن وقعت في الزنا، بينما أيد الفتوى لمن وقع لها حادث أو تعرضت لاغتصاب أو اعتداء لا ذنب لها فيه أو قفزت قفزة أثرت على الغشاء عندها يجوز لها أن تقوم بإجراء العملية مع إخبار الزوج بذلك. وبرر الزحيلي رأيه الفقهي بالقول «الفتاة التي وقعت في الزنا لايجوز أن تقوم بإجراء العملية بحيث لايكون طريقا لستر الجريمة وهي يجب أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في ذلك، لأن ذرائع الإسلام جاءت للحماية من الوقوع في جريمة الزنا وسد الطريق الموصل إليها وهذا ما نص عليه جميع فقهاء الأمة، ووقوع الفتاة في جريمة الزنا عمل محرم والقيام بعملية لترقيع غشاء البكارة بحاجة الستر لا يجوز لأنها بذلك تحتال على الشرع وهذا الرأي غريب ولم أسمع به قط لأن مثل هذه العمليات تساعد على انتشار الزنا والإسلام يحارب ذلك ويسد الطرق الموصلة إليه». إظهار العيوب حسن سفر ويشدد الخبير في المجمع الفقهي الإسلامي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي والمأذون الشرعي الدكتور حسن سفر على عدم جواز إخفاء الخبر عن الخطيب، مؤيدا أن تجري الفتاة العملية. وقال سفر «الأصل أن العيوب لا تخفى إطلاقا لحديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم «من غشنا فليس منا»، ولكن إذا كان العيب يخالف المقاصد الشرعية للزواج ويؤثر على الوظيفة الزوجية فيمكن تعديلها مع ضرورة إخبار الزوج». وشدد سفر على أن الزوج إذا كان ثقة وأمينا ولا يؤثر خبر الإخفاء عنه فلا مانع، أما إذا كان يخشى أن يؤثر خبر العملية على القرار، عندها لابد من إخباره وقت العقد. وأشار سفر إلى أن الموافقة على الارتباط من فتاة فقدت بكراتها من جراء حادث عمل إنساني وهو من باب العون وليس هناك غضاضة في ذلك، مشترطا أن لا يؤثر هذا الحادث على وظيفة المرأة وواجباتها الزوجية، داعيا لضرورة إجراء فحص طبي على كلا الزوجين للتأكد من قدرتهما الجنسية حتى لا يكون هناك تدليس من طرف على آخر. فقه الموازنات د. عبدالرحمن الجرعي ورأى المتخصص في الفقه الطبي في جامعة أبها الدكتور عبدالرحمن الجرعي أن هناك قراءة خاطئة للفتوى مشيرا إلى ضرورة التروي قبل الحكم على صلاحية الفتوى من عدمها، مشير إلى أن هناك في عالم الفقه ما يسمى بفقه العلم وسياسة العلم ، فربما تكون الفتوى خاصة بحالة فتعمم وهذا خطأ كبير لأنه لا يمكن تعميم الفتاوى في الحالات الشاذة والخاصة، مشدداً على أن ترقيع البكارة والفتوى حولها بحاجة إلى توازن، واستخدام فقه الموازنات والمقارنة بين السلبيات والإيجابيات واختيار الأفضل منها، موضحا أن بعض الفتاوى قد تجلب مصالح ولكن مضارها أكبر، وطالب الجرعي بضرورة إرجاع هذه القضية إلى المجامع الفقهية حتى يبتها وعدم تركها للفتاوى الفردية التي قد تُقرأ أو تفهم فهما خاطئا. الفتوى الجماعية د. علي الحكمي وأكد عضو هيئة كبار العلماء عضو المجلس الأعلى للقضاء الدكتور علي بن عباس الحكمي على أنه لا يمكن إعطاء رأي فردي في قضية تخص كل المسلمين متفقا مع رأي الجرعي. وأشار إلى أن هذه القضية اجتماعية بالدرجة الأولى ومرجع الفتوي فيها للمجامع الفقهية والهيئات العلمية مثل هيئة كبار العلماء حتى لا يتولى الرد عليها فرد لأنها بحاجة لدراسة شاملة من النواحي الطيبة والاجتماعية والنفسية والشرعية حتى تصدر الفتوى الملائمة، مشددا على أهمية رأي أهل الخبرة في مثل هذه المسائل ولابد أن تتصدى لها المجموعة وليس الفرد فالفتاوى الفردية في مثل هذه القضايا تضر الناس أكثر مما تنفعهم وتدخل في نفوسهم الريبة والشك، مؤكدا على أن الطريقة الأنسب السير على المنوال الذي تسير عليه المجامع الفقهية وهيئات الإفتاء وهي الدراسة بمشاركة أهل الخبرة والاختصاص والموازنة فيها ومن ثم إصدار الرأي السليم والصحيح. المجمع الفقهي وكان المجمع الفقهي الإسلامي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثامنة عام 2007م قد أفتى «بجواز رتق غشاء البكارة الذي تمزق بسبب حادث أو اغتصاب أو إكراه ، ولا يجوز شرعاً رتق الغشاء المتمزق بسبب الفاحشة سداً لذريعة الفساد والتدليس». واستثنى الحكم إذا غلب على الظن أن عدم الرتق يؤدي إلى مفسدة عظمى فإنه يجوز إجراء عملية الترقيع، كما هو الحال في أعرافنا، فإن الفتاة إذا اكتشف ليلة زفافها أنها فاقدة للعذرية تطلق، وفي طلاقها مفسدة لها وعار لأهلها، وقد يؤدي الأمر إلى قتلها من قبل ذويها، وفي حال وجود مفسدتين يرتكب الأمر الأخف دفعاً للأعظم. ووضع المجمع ضوابط شرعية عند إجراء عملية الرتق وهي أولا: التأكد من براءة الرحم حتى لا تختلط الأنساب، ثانيا: يشترط في الذي يجري عملية الترقيع أن يكون امرأة مسلمة ثقة مأمونة، فإن تعذر فطبيبة غير مسلمة ثقة، فإن تعذر فطبيب مسلم ثقة، فإن تعذر فطبيب غير مسلم ثقة، ثالثا:لا ينظر من الفتاة إلا موضع الحاجة، لأن الضرورة تقدر بقدرها، رابعا:أن يكون مع الفتاة التي تجري العملية امرأة أخرى ثقة حتى تؤمن الفتنة.