الشعوب المتدينة عادة تصنع لنفسها نوعاً من السيمياء أو الرمزية الدينية، وتشعر بآثارها النفسية والروحية عليها. ومع مرور الزمن وشدة الارتباط بها تتحول إلى تاريخ وعقيدة وانتماء. فالمساجد بمناراتها وقبابها ومحاريبها وجماليات زخارفها وأبوابها وجدرانها وباحاتها وحصرها وسجادها وفسيفسائياتها، ثورة روحية في نفس الرائي المسلم. وكذلك الكنائس برموزها وصورها وشمعداناتها وصلبانها وزخارفها وأجراسها تمثل عقيدة وروحا لدى المسيحي. وكل معبد وصومعة ودير يتسم بهذه السيميائية الدينية والرمزية الروحية الباعثة على متعة المتأله وإقبال النفس المتدينة. وتتسع الظاهرة وتتعمق أكثر لتشكل كثيراً من مظاهر الدين، حيث توشى الكتب الدينية وتحلى بأجمل الزخارف والخطوط والمنمنمات والألوان التي تتفق مع هذه الرمزية، وتصل الى ألوان اللباس الديني وأشكاله ليصبح هذا الفن عقيدة ورمزاً لا تحتاج الأديان معه إلى عنوان إذ أخذ التعريف به كل مأخذ في كل ما يتصل بالدين والقائمين عليه.