أكد أستاذ النقد الأدبي الحديث في جامعة الملك عبدالعزيز، الدكتور عبدالناصر هلال، أن الشعر العربي المعاصر شهد خلال النصف الثاني من القرن العشرين ثورة تجلت في مراحل عدة، بداية بالتحول من القصيدة العربية العمودية، إلى قصيدة الانفلات، ومحاولة التجديد، حتى تبلورت هذه المحاولات لتسمى بعد ذلك بتجربة التفعيلة في عام 1947. وذكر أن التجربة في بدايتها كان يشوبها الوجل، فبدأت بقصائد نازك الملائكة، وبدر شاكر السياب، اللذين غيّرا فقط في شكل القصيدة، ولو أرجعت الكلمات إلى مكانها لأصبحت قصائد عمودية، لافتاً إلى أن هذه التجربة بدأت بالتحول الجمالي في اللغة. وأضاف أن صلاح عبدالصبور قال في قصيدة له عام 1954: «يا صاحبي إني حزين، طلع الصباح، فلم ينر وجه الصباح»، فقوبلت القصيدة بهجوم، لأن اللغة فيها نزلت إلى منخفض التداخل اليومي. جاء ذلك في محاضرة ألقاها هلال، أمس الأول، في نادي الباحة الأدبي، بعنوان «الظواهر الجمالية في القصيدة المعاصرة وتحولات الشعرية العربية»، أدارها ناصر العمري. وقدّم هلال خلال المحاضرة إطلالة نقدية على ما قدمته القصيدة العربية خلال نصف قرن من الزمان، واستعرض فيه هلال بعضاً من نصوصه، قبل أن يقدم عدد من الحاضرين بعض قصائدهم. وقال: بين عامي 1967 و1976، جاءت ما تسمى بمرحلة النكسة، فأحدثت تحولاً في الشعر، وساد ما يسمى بالانكساريات، والإحباطات، قبل أن تظهر الجماعات الأدبية المناوئة، التي جاءت في المرحلة التالية (بين عامي 1977 و1990)، وبدأت تكتب الشعر الحر، الذي أصبحت فيه جمالية القصيدة تتحول إلى نثر، فأسقطوا فكرة البحث عن المضمون. وتحدث عن المرحلة الأخيرة للقصيدة العربية في القرن الماضي التي بدأت عام 1990، موضحاً أنه حدث انفجار في قصيدة النثر العربية، حيث لجأت إلى التعقيد. وبدأت فكرة استخدام اللغات في القصيدة الواحدة، حتى صارت القصيدة تعتمد على إيقاع اللغة. وتناول هلال السرد، وما يسمى بالقصة القصيدة، والقصيدة القصة، موضحاً أن نص الحداثة تحول إلى نوع من الكتابة الجسدية، التي بدأها نزار قباني، قبل ظهور الكتابة البصرية.