اعتبر أستاذ النقد الأدبي الحديث في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبد الناصر هلال، في المحاضرة التي ألقاها أمس الأول عن«الظواهر الجمالية في القصيدة المعاصرة وتحولات الشعرية العربية»، في قاعة الأمير محمد بن سعود بالنادي الأدبي بالباحة، أن الشعر العربي المعاصر شهد تحولا في جمالياته خلال ال50 سنة الأخيرة، وقال«المرحلة الأولى من بداية التحول من القصيدة العربية العمودية إلى قصيدة الانفلات ومحاولة التجديد التي تبلورت بعد ذلك في تجربة التفعيلة، وذلك في عام 1947م»، وأوضح أن التجربة في بدايتها كان يشوبها الوجل فبدأت بقصائد نازك الملائكة وبدر شاكر السياب، لافتا إلى أن هذه التجربة بدأت بالتحول الجمالي في اللغة فخلقت عند المتلقي لغة جمالية وغير جمالية، وأشار أنه في عام 1954م دفع الشاعر صلاح عبدالصبور بقصيدته«طلع الصباح فلم نر وجه الصباح»، ففارقت التوقع وجوبهت بالهجوم؛ لأن اللغة نزلت من عليائها في القصيدة العمودية البلاغية إلى منخفض التداخل اليومي، وأضاف أنه لما عرضت القصيدة على العقاد أحالها إلى لجنة النثر للاختصاص ثم أصدر عزيز أباظه بيانا شجب فيه هؤلاء الشعراء قائلا «إن مراجعة سريعة لكثير مما يسمى بالشعر الجديد لتطفي للدلالة أن أصحابه واقعون تحت تأثيرات منافية لروح التراث العربي». ثم أتى نقاد يدافعون عنها، فأصبحت هذه هي نقطة الصدام الأول، بعدها بدأت فكرة التحول الإيقاعي الموسيقي فوجد الشعر الذي يستجيب لنبض الحياة وهنا بدأت فكرة الكتابة بالواقع. وقال«أحدثت المرحلة الثانية التي بدأت من عام 1967م إلى عام 1976م والتي سميت بمرحلة النكسة تحولا في الشعر حيث ساد ما سمى بالإنكساريات والإحباطات»، موضحا أن الانكسار سيطر على التجربة ودفع الشعراء إلى البحث عن وسائل جمالية لاستيعاب ما حدث، وإلى مواجهت السلطة، وقال«من هنا بدأ الجميع يبحث عن تراثنا العربي وعن الشخصيات التي لها تأثير في التاريخ كصلاح الدين وغيره فكان هناك ما يسمى بفكرة التعبير عن التراث، وأصبح هناك ايضا توظيف جزئي وكلي تستدعي بعض الأحداث التراثية». وأضاف أن المرحلة التي تلتها بدأت من عام 1977م حتى عام 1990م معتبرا أن هذه المرحلة حلفت بظهور الجماعات الأدبية المناوئة التي بدأت تكتب الشعر الحر، وهو مفهوم آخر للكتابة الشعرية بحيث تحولت جمالية القصيدة إلى النثر واسقطوا فكرة البحث عن المضمون في نسيج القصيدة، وأكد أن كل تجربة رفضت التجربة التي قبلها. وأشار إلى أن المرحلة الأخيرة من عام 1990م إلى شهدت انفجار في قصيدة النثر العربية وأهم ظواهرها الجمالية لجأت إلى التعقيد، بعدما كانت بسيطة، وبدأت فكرة استخدام اللغات في القصيدة الواحدة وفكرة اللعب بالرسوم والمثلثات والمربعات والجوائز، وبعد ذلك صارت القصيدة تعتمد على إيقاع اللغة. وتحدث عبدالناصر عن ما سمى بالقصة القصيدة والقصيدة القصة، حيث تحول نص الحداثة إلى نوع من الكتابة الجسدية مشيرا إلى أن الشاعر نزار قباني بدأ كتابتها، فعري كل مفردات جسده وأوجد مفردات ما يسمى بالقبيح داخل النص. وشهد المحور الثاني من المحاضرة استماع الحضور إلى قصائد من شعر المحاضر وكل من الشعراء عبدالرحمن معيض وأريج الزهراني وعبير الزهراني، ومداخلات من كل من الدكتور ناصر الغامدي والدكتور عبيد المالكي وسعيد منسي وسعد الحارثي والدكتور سعيد الجعيدي.