من جدة إلى حائل وانتهاء بجازان، فتيات في مقتبل أعمارهن ذهبن ضحية لأمور كان يمكن تفاديها لكن قدر الله وما شاء فعل, وما حدث قد حدث وانتهى. هناك سؤال مهم يطرح نفسه ولا يمكن تجاهله: ما الذي نتعلمه من أحداث الأسبوع الماضي؟ لن أتحدث عن كل حادثة بمفردها لأنني أؤمن بأن هذه الحوادث, وغيرها ما هي إلا مجرد تجسدات لظاهرة أكبر، أو لنقل إنها الجزء الصغير الظاهر على سطح الماء من جبل جليدي ضخم جداً. بعد حوادث الأسبوع الماضي كثر اللغط, والحديث, وتبادل الاتهامات بين فئات المجتمع, عمن يتحمل مسؤولية هذه الحوادث, وعما كان يجب فعله لمنع ما حدث من الحدوث، وقامت الجهات الحكومية المعنية بإجراءات تعمل على منع تكرار هذه الحوادث في المستقبل, لكني أتساءل: هل سيعيد تبادل الاتهامات هؤلاء الضحايا إلى الحياة؟, هل القول بأننا لو فعلنا لكان كذا وكذا, سيكفكف دموع الأمهات الثكلى والآباء المفجوعين؟ لم الانتظار حتى نفجع بحدوث ضحايا ووفيات حتى يتم عمل إجراءات تصحيحية في ظل وجود الخبرات, والتكنولوجيا التي بإمكانها منع حدوث ذلك من الأساس؟. حوادث مفجعة كهذه ستستمر في الحدوث بأشكال مختلفة و سيناريوهات متعددة إلا إذا تم حل المشكلة من أعمق جذورها التي تكمن من منظوري الشخصي في القضاء على طريقة التفكير الجمعي المبنية على ردات الفعل, والانتقال إلى طريقة التفكير الاستباقية يميل أصحاب الفكر المبني على ردات الفعل إلى الركون إلى الوضع الحاضر, وعدم القيام بأي إجراءات احترازية طالما أن كل شيء على ما يرام, الأمر الذي يجعل احتمالية وقوع الحوادث, والكوارث عالية جدا, ولا يتم عمل الإجراءات الاحترازية إلا بعد حدوث الكارثة بينما الفكر الاستباقي يعمل على استشراف الأخطار, وتحديد مكامنها, والاستعداد لها بالوسائل التي تمنع وقوعها بإذن الله. التفكير بطريقة استباقية تعمل على رؤية المستقبل, واستشراف الأخطار المحدقة بكل منا في مجاله الذي يتقنه, وفي البيئة المحيطة به, كفيل بالعمل على وقاية البيئة المحيطة بنا, وعلى الحد من الكوارث كثيرة حدثت في الماضي كان من الممكن تفاديها بسهولة. أعلم أن الحديث سهل, وأن التطبيق صعب لكن قليل من المحاولة لا يضر! فلنعمل على منع اللبن من الانسكاب, ولو لمرة واحدة بدلا من أن نبكي عليه كل مرة!.