نستطيع أن نؤكد أن أعداء النجاح ينشطون في كل مكان، ويطفقون لهثاً، وبكل قوّة، لمواراة نجاح الآخرين ودفنه في سخوم نفوسهم المبتلاة بداء الحسد! فهناك نفوس، تتوق لبعث الأمل، وصناعة الأمجاد، التي تعود بالنفع على البشرية، وهناك نفوس متعطشة، تسعى للنيل منه، ولهذا لابد لنا أن نبقي أبواب الأمل مشرعة أمام كل مبدع، ينشد النجاح، ونبقي أبواب الشر مغلقة، في وجه كل حاسد، أضاع وقته في محاربة الناجحين، بطموحه الوضيع، وأنانيته المفرطة، وهذا يجب الحذر منه وتجنب مجاراته. ولو أنّ كل ناقم على المبدعين حكّم عقله، ومضى يجنى من ثمار ذلك النجاح، لكان خيراً له، وهو المستفيد الأول قبل الناجحين أنفسهم، ولن ينتقص من مكانته إن لم يكن قادراً على تحقيق نجاحات توازي نجاحات الآخرين، ولكان الكاسب الأكبر من غنيمة جاءته على طبق من ذهب، شاكراً وحامداً لأنعم الله، ولكن نار الحسد، حينما يشتد أوارها، وتمتد ألسنتها، فلا شك أن هناك أنفاساً خبيثة تندفع من الأعماق لتزيدها لهيباً واستعاراً لا يهدأ! إنها حالة من الصراع، بين المبدع والمفلس، وكم هو الفرق بين من يبدع، ويصنع تفوقه بدم قلبه، يحترق ويسهر الليالي، ويقضي نهاره في عمل دؤوب، ليسجل بعد هذه المعاناة نجاحاته، بحبات عرقه، ليسعد بها غيره، وبين من يهدم الصروح الشامخة، في لحظة مشحونة بداء الحسد والغيرة والأنانية!كم نحن بحاجة إلى ساعة واحدة كل يوم، لنتخلص فيها من ترسبات النفس، وإسقاطات إبليس، التي يحاول -بشتى طرقه الخبيثة- أن يزرعها في القلوب، ويزينها داخل النفوس، وقد قيل: إن للنفوس صَدَأً كصدأ الحديد، وجلاء صدئها الاستغفار، فكم نحن بحاجة إلى توظيف الاستغفار في تطييب النفوس، لتبدو أنفاسنا زكية بذكر الله عزّ وجل.