ليس بالضرورة أن تكون أباً مثالياً لتربي أبناءك بطريقة صحيحة، يكفي أن تكون صادقاً مع نفسك بمعنى ألا تعلمهم أمراً وتناقضه. بمعنى أن تفهم ذاتك أولاً حتى تعلم بأن أي أمر يمكن بالتربية أن تنقله إليهم هو نتاج معتقداتك وأفكارك في الحياة. الأولاد لايكبرون من تلقاء أنفسهم نحن نتنفس معهم الحياة كل يوم بكل تفاصيلها وردود أفعالنا هي الأساس في ردود أفعالهم تجاه الأمور. وإن رأيت غير ذلك في بعض أولادك فذلك لغلبة طبيعة (ما) تختلف بين ابن وآخر لكن أصل التركيبة التي سيكبرون عليها ستكون منبعها بئرك لهذا على كل منا كوالد أن ندرك ماذا نرمي في هذه البئر لنعكرها أو نصفيها ثم يشرب منها أبناؤنا. أحيانا حوار بسيط بينك وبين أحدهم قد يثيرك وتبدأ في توبيخه لأنه لم يعكس الصورة التي ربيته عليها بينما إن وضعت إصبعك على زر الإيقاف لدقائق (مع ذاتك) ستكتشف أنه في موضع ما كنت تتحدث بهذه الطريقة، أو لعلك كنت تمارس أشياء بأسلوب معين هو نفسه ماعبر عنه ابنك، وحتى تكون على يقين قم بتجربة بسيطة وزر مدرسة ابنك وتحدث مع أساتذته أو المحيطين به وستسمع ما سيدهشك لأنك ستسمعهم يصفون طريقة ردود أفعالك وأفكارك في شيء هنا أو هناك. البعض قد يغضب ويتساءل:هل أفكر أنا بهذه الطريقة؟ لا تتعجب عزيزي الوالد -أماّ أو أباً- فإنكما تشيران بنفس الإصبع على نفسيكما لأنكما من احتضن تلك اليرقة حتى سمحتما لها بالطيران والتحليق. فمثلا إن رأيت ابنك ينفر من الآخرين أو يوبخهم فلا تعتب قبل أن ترى نفسك في أبسط معاملاتك مع زوجتك. وإن كنت تراه منطويا منعزلا عن إنشاء علاقات مع غيره فاسأل نفسك كم مرة وبخته وأسمعته كلمات تشعره بالخوف من لقاء الآخرين! وإن رأيته يصر على ما يريد بوقاحة أحيانا فتذكر هل رآك يوما تفعل ذلك مع أحد والديك! في النهاية هو إناء ينضح بما فيه وأنت كل ما فيه عزيزي الوالد.