لقد أصبحت تقنيات المعلومات والاتصالات في القرن الحادي والعشرين من أهم عوامل تشكيل المجتمعات التي تؤثر في حياة الإنسان التعليمية والعملية وتساهم في تغيير قناعاته وأفكاره، الأمر الذي يحتم ضرورة دمج تقنيات المعلومات والاتصالات في نظام التعليم لتحقيق نتائج مميزة في التعلم المتمركز حول الطالب Student Centered Learning. إن التركيز على الأساليب الجديدة والمبتكرة في التعلم والتدريس واستخدام تطبيقات البرمجيات والوسائط المتعددة على شبكة الإنترنت ستؤدي إلى تعليم فعال ومتعدٍ، لاسيما وأن طلبة الجيل الحالي ليسوا جاهلين بالتقنية ولديهم مهارات كبيرة في التعامل مع التقنيات الرقمية واستخدام المدونات والمواقع والمنتديات والشبكات الاجتماعية. ولذلك فقد دعا الاتحاد الأوروبي في 2011م من خلال مبادرة التعليم الإلكتروني المشاركين المعنيين بالتدريب والتطوير بضرورة إدراك أهمية التقنيات الجديدة في التعليم الحديث لما توفره من تدريب مستمر وتحسين للأداء وسهولة في تطبيق مبدأ المساءلة في التعليم العالي والذي يضمن جودة أعلى في الأداء والمخرجات. من خلال استخدام التقنية الرقمية في عملية التعلم سيتمكن الطلبة من تعزيز مهاراتهم واكتساب مهارات جديدة في الحصول على مصادر المعلومات المتعلقة بالتطبيقات كالوسائط الإلكترونية والبحث في قواعد البيانات المحلية والمجلات العلمية وإنشاء مواقعهم الخاصة وتبادل الأفكار مع زملائهم واتخاذ القرارات وسيتمكنون من الاتصال مع أعضاء هيئة التدريس عبر البريد الإلكتروني والوصول إلى قواعد البيانات الرئيسية التي يحتاجونها. وفي دراسة قامت بها جامعة أوروبية وجدوا أن 97% من الطلبة يستخدمون أجهزة الكومبيوتر للوصول إلى المعلومات التي يحتاجون إليها كما يستخدم الطلبة محركات البحث للأغراض الأكاديمية وبالأخص قوقل 97% ثم الدوريات الإلكترونية 84% والقواميس الإلكترونية 72% ومواد الفيديو 71%. بالإضافة إلى ماتقدم فإن أنظمة التعليم العالي اليوم تعاني من عدم مقدرتها على تحقيق مفهوم التعليم للجميع والوصول إلى الطلبة من ذوي الخلفيات الاجتماعية الفقيرة أو الأقليات العرقية أو المرضى والمعاقين وذلك بنسب متفاوتة من دولة لأخرى، فمؤخراً أصدرت الولاياتالمتحدةالأمريكية تقريراً أظهر أن 60% من الطلبة البيض استطاعوا التخرج والحصول على البكالوريوس خلال ست سنوات مقابل 49% من أصول لاتينية و42% من أصول أفريقية!، وكذلك هو الحال في أوروبا وأيضاً جنوب إفريقيا!، ولن يتحقق مفهوم التعليم للجميع إلا من خلال تعزيز برامج التعليم الإلكتروني والتي ستكفل فرص تعلم لجميع شرائح المجتمع، وستساهم في خلق جو من التعاون والاندماج المجتمعي والشعور بالامتنان والانتماء أكثر للمؤسسة التعليمية والوطن الذي يعيش فيه هؤلاء، ويتحقق ذلك بإرادة إدارية من مؤسسات التعليم العالي ورغبة حكومية في إتاحة فرص التعلم العالي عن طريق برامج التعليم الإلكتروني لكل الفئات والأجناس في المجتمع. ويتماشى مع ماسبق القرار الصادر في صيف 2011م بالموافقة على إنشاء الجامعة السعودية الإلكترونية والتي سيكون مقرها الرياض وهي مؤسسة تعليمية حكومية تقدم التعليم العالي وتوفر بيئة تعليم إلكترونية مبنية على تقنيات المعلومات والاتصالات والتعليم عن بعد وتضم كليات: العلوم الإدارية والمالية والحاسب الآلي والمعلوماتية الصحية لتمنح درجة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في هذه التخصصات، وتنظر وزارة التعليم العالي لهذه الجامعة بأنها البديل لبرامج الانتساب الحالية في الجامعات السعودية وستكون أكثر مرونة ومناسبة لظروف كل راغبٍ في التعلم وتدعم مفهوم “التعلم مدى الحياة” لكل أفراد المجتمع. كما أن الجامعات السعودية بلا استثناء هرعت إلى إنشاء عمادات للتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد في الخمس سنوات الماضية، مما ينبيء عن مستقبل إلكتروني أفضل لطلابنا ومجتمعنا. استشعار أهمية التعليم الإلكتروني في التعليم العالي واضحة لدى صُنّاع القرار والمسؤولين في وزارة التعليم العالي وبقي أن تترجم عمادات التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد هذا الاهتمام وتحوله إلى واقع ينعم به كل أفراد المجتمع من خلال توفير البرامج التعليمية وإثارة الوعي في المجتمع ولدى أعضاء هيئة التدريس وتحفيز وتكليف أساتذة الجامعات بضرورة تفعيل وسائل التعليم الحديثة ومواكبة ثورة التقنية الهائلة التي تحفنا من كل جانب! ولمن يريد التعرف على مفهوم التعليم الإلكتروني فهذا الدكتور/ طاهر فرحات سيكمل الحكاية من البداية.