فازت، الاثنين، صورة فتاة أفغانية تبكي من الخوف بعد هجوم انتحاري في ديسمبر الماضي، بجائزة بوليتزر عن فئة صور الأخبار العاجلة. ومع أن الصورة التي التقطها المصور مسعود الحسيني من وكالة فرانس برس مروعة ويصعب النظر إليها، إلا أنها حققت انتشاراً كبيراً. ونشرت بعض الصحف نسخاً مقتطعة من الصورة بعد التقاطها بغية إزالة مشاهد الدم والجثث المروعة، ومنها جثة طفل صغير. لكن صحيفة “نيويورك تايمز” وغيرها قررت نشر الصورة كما هي على صفحتها الأولى في اليوم التالي للهجوم. ورفضت قناة “إم أس إن بي سي” الإلكترونية عرض الصورة في ذلك الوقت باعتبار أن صور “جثث الأطفال قد تكون مزعجة جداً بالنسبة إلى قرائنا”، لكنها نشرتها الاثنين في معرض تقرير حول جوائز بوليتزر، محذرة من “مشاهد عنيفة قد تزعج بعض القراء”. ولطالما دار نقاش بين الصحافيين حول استعمال صور عنيفة قد تزعج القراء وتؤدي إلى صدمة أكبر بالنسبة إلى الضحايا وعائلاتهم، على ما قالت جاين كيرتلي مديرة مركز “سيلها” لدراسة أخلاقيات الإعلام وقانونه في جامعة مينيسوتا. لكن كيرتلي اعتبرت أن هذا النوع من الصور ينقل قصة مهمة ولا ينبغي التعتيم عليه. وقالت لوكالة فرانس برس “أعتقد شخصياً أن التقاط صور كهذه ونشرها هو أمر أخلاقي تماماً، ويساعد على نقل القصة كاملة، ولا ينبغي عزل الجمهور عنه”. وأوضحت أن صحفاً كثيرة كانت تتفادى في الماضي نشر “صورة مماثلة على الصفحة الأولى كي لا يراها الناس بينما يشربون العصير في الصباح”. لكن الإنترنت قلب الموازين في ظل انتشار كتاب المدونات والصحافيين المدنيين بما أن “أي شخص يحمل كاميرا ولديه نفاذ إلى الإنترنت يستطيع نشر تلك الصور”. وقالت كيرتلي إن المحررين يستطيعون التخفيف من تأثير الصور المؤلمة بنشرها في الصفحات الداخلية، بدلاً من الصفحة الأولى، وفي حال الصحف الإلكترونية، بوضع تحذير ينبغي على المستخدم الضغط عليه قبل النفاذ إلى الصورة. وقال الصحافي مسعود الحسيني إنه شعر هو نفسه بالصدمة جراء الأحداث التي وقعت في ذلك اليوم. وشرح “في الليلتين الأوليين، وجدت صعوبة في النوم. وكلما أغمضت عيني رأيت المشهد نفسه وتساءلت ما الذي كان بإمكاني فعله من أجل هؤلاء الناس، لماذا لم أساعد أحداً؟”. لكنه اعتبر أن فوزه بالجائزة سمح له بنقل مأساة ضحايا الحرب الأفغانية. وقال “أعرف أن من يرى الصورة سيفكر في المصور، لكنني آمل ألا ينسوا المعاناة التي يمر بها الشعب الأفغاني في حياته”، وأضاف “أنه الجزء الإيجابي بالنسبة إلي، أي أن أتمكن من نقل معاناة الشعب الأفغاني إلى العالم، وأن أخبر العالم بما يجري في أفغانستان”. وقالت سوزان مولر مديرة المركز الدولي للإعلام في جامعة ماريلاند، ومؤلفة كتاب عن صور الحرب إنه من المهم أن تشرح وسائل الإعلام سياق الصور العنيفة والمؤلمة. واستخدمت مولر الصورة في صفها لتتناقش مع طلابها حول الانتقاء المناسب للصور. ورأت أن الطلاب الذي شهدوا العنف في آسيا، أو في مناطق أخرى، أو انضموا إلى صفوف الجيش “هم الأكثر تأييداً لنشر الصورة بحذافيرها”. وقالت مولر إن الطلاب الذين أيدوا نشر الصورة كانوا الطلاب “الذين لديهم علاقة شخصية بالأحداث أو بمعنى الصورة”. أما الطلاب الذين لم يشهدوا حروباً، فاعتبروا أنها قد تكون مزعجة جدا بالنسبة إلى القراء. وأوضحت “إنه سبب إضافي يدفعنا إلى النظر إلى هذه الصور على أنها لحظات نتعلم منها. هذه هي قوتها الأساسية. فهي لا تمثل الأحداث التي تظهر فيها فحسب”. وأشارت إلى أن الجدل نفسه يدور منذ عقود عدة. وقالت “يعتقد الجميع أن الوضع أسوأ بكثير، وأن الإنترنت جعل التغطية أكثر عدائية... لكن هذا غير صحيح. فقد سمح لعدد أكبر من الناس بالنفاذ بشكل أكبر إلى الصور”. و”ختمت بالقول “الصور العنيفة موجودة منذ اختراع التصوير في أربعينيات القرن التاسع عشر”. أ ف ب | واشنطن