تطرق الأستاذ عبدالعزيز السويد وعبر زاويته في صحيفة الحياة بعنوان (رسالة صحافية) في 2008/3/7م الى الحديث عن مسؤولية العمل الصحفي والقيم الإنسانية التي تحكم الإعلام عند نشر الأحداث وأهمية أخذ مشاعر المصابين بالاعتبار، واستغرب من نشر صور المجني عليهم وحجب صور وجوه المتهمين دون تحسب لأثرها وضررها المتعدد على القراء وما قد يصدر من ردود أفعال سلبية غير متوقعة من فئة من المشاهدين خصوصاً عندما تكون من الصور الدموية المروعة التي قد تحرك مواطن الشر والانحراف في نفوسهم. ذكرني تخوف الكاتب بمسألة لها علاقة بالموضوع فالملاحظ مؤخراً ان بعض الصحفيين ينقلون أحياناً أخبار العفو عن القتلة وتنازل أهل القتيل بلا حيادية فيتكلمون عن معاناة هؤلاء القتلة في السجن وأحزانهم ومخاوفهم واللحظات العصيبة التي عاشوها ومشاعرهم عند عودتهم إلى الحياة من جديد وانفتاح الأبواب الموصدة أمامهم، يتحدثون عنهم وكأنهم مظلومون، ويلمس في أسلوبهم نوع من التعاطف مع الذين سلبوا حياة اشخاص آخرين ويتناسون في الوقت نفسه قلوب أهالي القتلى المسحوقة، والضحايا المدفونين في التراب وينسون أن قتل نفس واحدة كقتل البشر جميعاً، ومن يتتبع ما يكتب في مواقع وساحات الانترنت يلمس تجاوب كثير من القراء مع هذا التعاطف في وقت تطفح صفحات الجرائد بأخبار الجرائم البشعة. لقد عفا الرسول عليه الصلاة والسلام عن وحشي قاتل عمه حمزة ليكون مثالاً وقدوة لأمته ومع أنه الكاظم غيظه والجامع لكل صفات الخير قال لوحشي: ويحك، غيب عني وجهك فلا أرينك أبداً، فكان وحشي يتنكب الطريق حتى لا يراه الرسول عليه الصلاة والسلام. شرع الله القصاص لتستقيم حياة البشر، وإضفاء مثل تلك المعاني الإنسانية على القتلة ومرتكبي أبشع جناية إنسانية، فيه نوع من التكريس - دون قصد - للجريمة واستهانة بالضحايا، وإذا كان الهدف من ذلك ترسيخ ثقافة التسامح بين البشر وهو مبدأ اصيل في الشريعة مطلوب، على ألا يكون بالصورة التي تظهر الجاني وكأنه الضحية، وأنا أتساءل أين كانت هذه المشاعر الإنسانية عند القتلة حينما ازهقوا وبوحشية أرواح ضحاياتهم؟؟