انسحب الوفد المغربي من مراسم تشييع الرئيس الجزائري الأسبق، أحمد بن بلة، لحضور وفدٍ ممثلٍ لجبهة البوليساريو الانفصالية، وهذه هي المرة الثانية التي ينسحب فيها المغرب من مناسبة رسمية خلال الثلاث سنوات الأخيرة لذات السبب. وانسحب الوفد، الذي قاده رئيس الحكومة الإسلامي عبد الإله بنكيران والوزير الأول الأسبق عبد الرحمن اليوسفي ومستشار العاهل المغربي للشؤون الخارجية الطيب الفاسي الفهري إضافة إلى عدد من الشخصيات السياسية، خلال مراسم الدفن عندما اكتشف حضور زعيم البوليساريو محمد عبد العزيز ووقوفه على بعد مترين فقط من بنكيران. وكان الوفد توجه إلى الجزائر بأمرٍ من الملك محمد السادس ووصل إلى قصر الشعب في الجزائر العاصمة لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الرئيس الراحل، ثم حضر بعد ذلك حفل الغداء الذي أقامته السلطات الجزائرية على شرف الوفودن المغربي، والتونسي الذي كان يقوده رئيس الجمهورية التونسية منصف المرزوقي٬ والموريتاني الذي كان يقوده الوزير الأول مولاي ولد محمد لقظف. وبعدها توجه الوفد المغربي إلى مقبرة «العالية» حيث وُورِيَ جثمان الفقيد الثرى٬ وبمجرد وصوله اكتشف الحضور البروتوكولي لوفد من البوليساريو كان يقوده محمد عبد العزيز، وأمام هذا الوضع انسحب على الفور قبل أن يتوجه إلى مطار الجزائر العاصمة حيث كان في وداعه -كما كان عليه الأمر عند وصوله- الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى.واعتبرت مصادر «الشرق» الوفد المغربي تعرض ل «مقلب جزائري»، على اعتبار أن السلطات الجزائرية كانت تعلم أن حضور ممثل عن البوليساريو سيؤدي مسبقا إلى الانسحاب، وكان من الأفضل دبلوماسياً أن يتم إخطار الوفد المغربي مسبقاً بحضور البوليساريو تلافيا للإحراج، خاصة أن زعيم الجبهة الداعية لانفصال الصحراء الغربية عن المغرب وقف مباشرةً خلف رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران بتوجيهٍ من القائمين على البروتوكول». وأضافت المصادر ذاتها أن المغرب تعامل بحسن نية لأن «بن بلة» صاحب الأصول المغربية رجل له مكانة خاصة في قلوب المغاربة، إلا أن ما أقدمت عليه الجزائر، وبحسب المصادر، لا يوحي بأن تقدما قد يحصل على مستوى العلاقات بين البلدين، ووصفت المصادر ما جرى بأنه خطأ مقصود. وفي السياق ذاته، علمت «الشرق» أن الرئيس التونسي منصف المرزوقي عَمِلَ ما في وسعه كي يمكث الوفد المغربي إلى نهاية مراسم الجنازة وقام بمساندة الموقف المغربي، إلا أن ذلك لم يثن الوفد عن الانسحاب.وتعتبر هذه ثاني مرة ينسحب فيها المغرب من مناسبة رسمية بسبب البوليساريو، وكانت المرة الأولى في 3 سبتمبر 2009، عندما انسحب الوفد الذي كان يرأسه رئيس الحكومة السابق عباس الفاسي من احتفالات «ثورة الفاتح» في ليبيا، حيث كان المغرب حاضرا بوفدٍ كبير قبل أن ينسحب من الاحتفالات، وكاد الحادث أن يؤدي إلى أزمة دبلوماسية بين الرباط وطرابلس، خاصة أن المغرب شارك بفرق عسكرية استعراضية في الاحتفالات. بنكيران يترك مكانه لاكتشافه وجود زعيم البوليساريو في الجنازة (أ ف ب)