بصفتي أحد المعاقين بصرياً، الذين حرموا نعمة النظر، أحببت أن أوضح نظرتي تجاه من ينظرون إلى الشخص الكفيف، فإنّ بعض الناس ينظرون إلى الكفيف على أنه عاجز، لا يستطيع الذهاب والمجيء، ولا يستطيع العمل، أو مساعدة أحد في أي شيء، من خلال تساؤلاتهم كيف يذهب ويأتي؟ وكيف يعمل؟ وتساؤلات كثيرة خاطئة. وللأسف الشديد، فالمعروف أنه ليس هنالك شخص معاق، بل هنالك أناس معيقون! وخطأ كبير بأن يحكم الناس على الشخص من مظهره، وكما قال الشاعر: (كمْ مِنْ فتى ساقطٌ عقلهُ، و قد يَعجبُ الناسُ من شخصهِ. ورب امرئٍ خلته مائقاً، ويأتيك بالأمر من فصهِ). إذاً ما هي النظرة الصحيحة للكفيف التي ينبغي أن يتبعها الناس؟ لا بد أن يعلم المجتمع أن المسألة ليست متعلقة بالنظر، كما يظن الكثيرون، بل إنها عبارة عن إرادة وإصرار وكفاح ورغبة وطموح، وقد استطاع الكفيف إثبات وجوده، وأن يصل إلى ما لم يصل إليه المبصرون من مناصب ومراكز وغيرها، كالمفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، ومن قبله الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله. فكم من مبصرٍ كان الكفيف مديره، وكم من طالبٍ كان الكفيف معلمه. وهذا دليل على أن عدم النظر لا يحول دون ممارسة الحياة اليومية، ولا تتوقف الحياة عند فقدانه، فهناك مبصرون، ولكن لا يمارسون حياتهم بشكل جيّد، لأنهم يفتقرون إلى دوافع الحياة التي تعتبر محركاً أساسيا للإنسان. فالنظر ليس كل شيء بل إنّه في موازاة الإرادة لا شيء. وأقول لعزيزي الكفيف، لا تنسى أن هذه الحياة فانية، فلا المبصر ولا الكفيف باقٍ فيها، ولا أي أحد. إنّ الإنسان لا ينفعه نظره ولا ماله، ولا شيء سوى عمله الصالح، وفعل الطاعات، وفعل الخير. حذاري أن تقول «لماذا لا أرى ؟» فهذا سوء ظن بالله، واعتراض على قضائه وقدره. فارض بما كتبه الله لك، ولا تفقد الأمل بالله، ولا تجعل ظرفك هذا يمنعك عن ممارسة حياتك اليومية، ولا تتأثر بما أنت فيه، واعلم أنّك تؤجر على صبرك لما أنت فيه من حال. والدليل على ذلك، في الحديث القدسي، قال الرسول صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى» إذا أخذتُ إحدى حبيبتي عبدي فحمدني، خيّرتهُ من أي أبواب الجنة شاء» فهنيئاً لك بهذا الأجر العظيم.