يقال إن أسوأ مافي المؤتمرات توصياتها، وهذا القول في الحقيقة ليس على إطلاقه فإن التوصيات تأتي عادة في نهاية المؤتمرات والملتقيات بعد المحاضرات وتقديم أوراق العمل والمناقشات التي تدور حولها بحيث تشكل خلاصة لكل مايتم تداوله ومناقشته، وتشكل لذلك لجنة تقوم بصياغته وتتولى تقديمه في نهاية المؤتمر، غير أنه مثل كثير من الأعمال التي تستهلك وتتكرر بشكل دائم يتم استسهالها وربما إفسادها أصبحت هذه التوصيات غير مهمة وغير مثيرة للدهشة وذلك لأنها أصبحت روتينية في كثير من الأحيان وإنشائية ومطاطة أحيانا وفي أحيان أخرى مثالية حالمة غير قابلة للتطبيق، ووصلت الأمور في بعض المؤتمرات إلى أن التوصيات تعد سلفا قبل المؤتمر لتمرير أفكار معينة أو محاولة لإضفاء جو من الجذب الإعلامي عليها بالشعارات بحيث أن من يقارن بين التوصيات من جهة وأوراق العمل والمناقشات من جهة أخرى يجد أنها متباينة وكل منها في واد لا علاقة بينهما، وفي مؤتمرات الأندية الأدبية التي كانت تعقد منذ أكثر من عقدين من الزمان كانت التوصيات تأتي كل سنة مشابهة تقريبا للتي قبلها وتكاد تكون نسخة للتي بعدها وتعقد المؤتمرات تلو المؤتمرات ولا تنفذ توصية منها، وبعض هذه التوصيات مازالت تتكرر حتى بعد أن استبدلت مؤتمرات الأندية الأدبية بمؤتمرات أخرى، وهذا يدلل على أن هذه التوصيات إما أنها غير عملية أو أن المخططين وهم غالبا إحدى الجهات المشرفة على هذه المؤتمرات أو المشاركة فيها لا ينظرون بجدية إلى هذه التوصيات، ولهذه الصورة التي بدأت تأخذ طابع النمطية ألغت بعض الجهات المنظمة إصدار توصيات في نهاية مؤتمراتها كمؤسسة الفكر العربي، ولعل توصيات المؤتمرات تخرج في مناخ قرارات جامعة الدول العربية التي لو استعرضناها منذ أكثر من نصف قرن لوجدناها إما مكررة أو غير قابلة للتطبيق أو حالمة وغير واقعية، إن توصية واحدة فقط في كل مؤتمر واقعية وقابلة للتطبيق وتأخذها الجهات المعنية بجدية وتسعى إلى تطبيقها أهم من جبال التوصيات التي تبقى حبرا على ورق والتي يأتي دائما في مقدماتها شكر المؤتمرين للجهة المنظمة على حسن التنظيم وكرم الضيافة حتى لو لم يكن كذلك وتضمين كلمة راعي الحفل ضمن وثائق المؤتمر حتى ولو كانت مجرد كلمة إنشائية.