المتمعن بدقة، يجد فجوةً كبيرةً بين واقع حياة المسلمين وسلوكياتهم، وبين قوانين الأخلاق التي مصدرها الدين الإسلامي، وهذا مايعرف بضعف الوازع الديني. ولا شك أن يقظة الوازع الديني مسألة داخلية في النفس الإنسانية، ناتجة عن قوة صلتها بخالقها سبحانه وتعالى، ومدى استشعارها بقربه منها ومراقبته لها، ولذلك كان أكثر الناس توافقاً بين سلوكياتهم ودينهم، هم أولئك القوم الذين قويت صلتهم بالله سبحانه وتعالى. ومن هنا يمكن القول بأن الكثير من المسلمين اليوم أضعف ما يكونون في صلتهم بالله عندما نشاهد الضعف الكبير في وازعهم الديني. ولو بحثت في أسباب ذلك لوجدت الإجابة في القرآن الكريم، من تفصيل تلك الأحوال التي تتجاذب الإنسان، لتنحرف به عن طريق الحق، وتحاول تغييب ذلك الضمير الأخلاقي لديه، وهي النفس والهوى والشيطان. ومع تقريرنا بأن تنمية الوازع الديني ترتبط بشكل كبير بتنمية الإيمان، والعلاقة بالله سبحانه وتعالى، إلا أننا يجب أن لا نغفل أمراً مهماً جداً، ألا وهو تطبيق قوانين الردع والزجر، التي تأتي من خارج النفوس، فلا تقتصر تنمية الوازع الديني على مسألة التدين فقط، إنما نحتاج إلى تطبيق روادع عملية واقعية، إذ إن من معاني (الوازع) في اللغة الكف والزجر، ولذا نحتاج إلى تلك القوانين الخارجية التي تقوم بذلك، خصوصاً في هذا العصر الذي كاد أن يغيب فيه الوازع الديني بشكل كامل من نفوس كثير من الناس، وللأسف الشديد!