* الديوان: سماء تبحث عن غطاء * المؤلفة: هدى أشكناني * الناشر: الغاوون بيروت 2011م تختصر الشاعرة الكويتية هدى أشكناني في ديوانها، الصادر حديثاً، بعنوان «سماء تبحث عن غطاء»، الكثير من مسافات الكلام بين جملتين شعريتين. مما يجعل قصيدتها تدخل في تصنيف «القصيدة القصيرة جداً»، إن صح التعبير، أو ما اصطلح على تسميته ب «الومضة الشعرية». وعلى الرغم من هذا «الاختزال» الشعري، إلا أن المعنى يظهر مكتملاً، بل أحياناً تمنحك العبارة مدلولات أطول من حجم الكلمات الشعرية التي يتضمنها الديوان، وهو الأول للشاعرة أشكناني، التي سبق وكتبت التفعيلة، ثم النثر. عنوان الديوان منفصل عن عناوين القصائد التي في الداخل، فهو قائم بحد ذاته، يغطي كامل مساحة الوهج الذي صبته الشاعرة في ديوانها، ولا يخص قصيدة بعينها، وهو الأمر الذي يعكس دلالة أخرى، وهي أن الديوان، وعلى الرغم من تنوع أفكاره، له النسق نفسه الذي تنسجه مؤلفته بخيط دقيق جداً يكاد لا يرى. ولا تخفى نزعة الروحانية في ديوان «سماء تبحث عن غطاء»، وهذا ما يشي به عنوانه أولاً، قبل أن ندخل في تفاصيل أعمق روحياً ووجدانياً: ما زالت السحب المهاجرة تصغي إلى دقات الاغتراب.. ألن تعود؟ ربما الفراغات وحدها التي تملؤني بوحاً ستوقف تمدد الأجنحة.. ومع غياب السمة الموحدة للطرح الواحد في الديوان، إلا أن النزعة الإنسانية واضحة جداً، بل وتفرض نفسها من خلال الكثير من النصوص التي تتوغل فيها الشاعرة بإحساس إنسانة ترصد القضايا الحقوقية والآدمية، وحين تلمح إلى الظلام تتسلل خلسة من باب الحالة الوجدانية، أو العاطفية، إلى فضاءات البشرية المعذبة في أوطانها، ولكنك لا تكتشف ذلك إلا في نهاية النص، كما في هذا المقطع الذي يأتي بعنوان «ظلام»: هو ذاته من يختبئ خلف ظلال القلب.. معانقاً نبضاته الآثمة، فوق أجنحة من نور.. يسمعني وشوشات آلامه برغم ضيقها.. اتساعها.. تلفني بموجات أمل مرتقب لتتشابك في ضمير.. وطن! لدى الشاعرة هدى أشكناني رؤية بصرية جيدة للمشهد الشعري، فهي لا تترك قصيدتها من دون أن تضفي عليها طابعاً سينمائياً، وكأنها ترسم سيناريو بأبعاد مختلفة، فلا تترك ومضتها الشعرية من دون أن تترك أثراً بصرياً في عقل المتلقي: عاد تشرين يتسلق درجات الخريف الأخيرة حاملاً غبار الشمس المكتئبة في ضوضاء شالات الغيم الهاربة من قرمزية الصيف أكثر من بطء إحساسنا بسيقان الموت الحنونة.. هل آن لنا الرحيل؟ حتى الآن استطاعت الشاعرة هدى أشكناني أن تصنع لغتها الخاصة، ممسكة بزمام قريحتها بثقة لها شكل الإصرار.